بعد أسبوعين من اعتماد الاتحاد الأفريقي حكما بشأنهم: إلغاء أحكام الإعدام الجائرة الصادرة عن محكمة الطوارئ ضد المتهمين في تفجيرات طابا
بيان صحفي
رحبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإلغاء التصديق على الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة أمن الدولة العليا طوارئ عام 2006 ـ والتي قضت بإعدام ثلاثة متهمين هم محمد جايز صباح وأسامة النخلاوي ويونس أبو جرير ـ وإعادة محاكمتهم أمام دائرة جديدة وفق لتصريحات كل من رئيس الوزراء ومحافظ شمال سيناء. ويأتي هذا التطور الهام في أعقاب اعتماد قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا منذ أسبوعين للحكم الصادر عن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في 74 صفحة بشأن انتهاكات الحكومة المصرية لحقوق المحكوم عليهم في الدعوى التي كانت قد أقامتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالتعاون مع المركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان (إنترايتس).
وشددت المبادرة المصرية على حتمية أن تكفل السلطات كافة معايير المحاكمة المنصفة للمتهمين، وعلى رأسها إحالتهم إلى محكمة جنايات عادية وليس إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ التي قضت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان بأن تشكيلها وإجراءاتها تخالف معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان بشأن استقلال القضاء ومعايير المحاكمة العادلة.
وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "إن قرار إلغاء أحكام الإعدام التي صدرت ضد المتهمين الثلاثة من محكمة استثنائية لا تسمح باستئناف أحكامها وعلى أساس اعترافات انتزعت بعد تعرضهم للتعذيب الشديد هو تصحيح لأخطاء جسيمة واستدراك لجريمة إضافية كادت أن ترتكب ضد المتهمين وتحرمهم من حقهم في الحياة."
وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وإنترايتس قد سارعتا فور صدور الأحكام في نوفمبر 2006 بإقامة دعوى ضد الحكومة المصرية أمام اللجنة الأفريقية اتهمت فيها الحكومة بانتهاك حقوق المتهمين في الحياة والحماية من التعذيب والمحاكمة العادلة، بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي صدقت عليه مصر في عام 1984. وعلى مدار خمسة أعوام نظرت اللجنة الأفريقية في الدعوى بناء على عدد من المذكرات المقدمة من كل من دفاع المتهمين والحكومة المصرية. كما عقدت اللجنة جلسات خاصة لتقديم المرافعات الشفهية بحضور وفد عن المنظمتين الحقوقيتين من جهة وعن الحكومة المصرية ممثلة في وزارتي الخارجية والعدل من جهة أخرى، وعقدت الجلسات المتتالية في كل من أكرا عاصمة غانا وبرازافيل عاصمة الكونغو ومدينة أيزولويني في سوازيلاند.
وانتهت اللجنة إلى إصدار قرارها في مارس 2011، إلا أن الميثاق الأفريقي يقضي بأن الأحكام الصادرة عن اللجنة لا تأخذ الصفة الرسمية النهائية وتدخل حيز النفاذ إلا بعد اعتمادها من مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأفريقي، وهو ما تم في يوم 27 يناير الماضي في القمة نصف السنوية للاتحاد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بحضور وفد من الحكومة المصرية برئاسة وزير الخارجية محمد كامل عمرو.
وقد انتهى الحكم المعتمد من الاتحاد الأفريقي بإدانة الحكومة المصرية بانتهاك المادة الخامسة من الميثاق الأفريقي (بشأن الحق في الكرامة والحماية من التعذيب)، والمادة السابعة (بشأن الحق في المحاكمة العادلة)، والمادة 26 (بشأن استقلال القضاء). وطالب الحكم الحكومة المصرية بموجب التزاماتها المنصوص عليها في الميثاق الأفريقي بإلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق المتهمين الثلاثة، وإطلاق سراحهم مع صرف التعويضات الملائمة عن الانتهاكات التي تعرضوا لها، واعتماد الإصلاحات الضرورية لعدم تكرار هذه الانتهاكات، بما فيها إجراءات الوقاية من التعذيب على يد أجهزة الأمن وتعديل قانون الطوارئ ومحاكم أمن الدولة لضمان اتساقهما مع معايير القانون الدولي. ويطالب الحكم السلطات المصرية بتقديم تقرير خلال 180 يوم عن الإجراءات التي اتخذتها من أجل تنفيذ الحكم.
وأضاف بهجت: "إن إقدام المجلس العسكري على إلغاء هذه الحكم المعيب خطوة إيجابية يجب أن تتبعها إجراءات فورية تضع نهاية حاسمة للقوانين الاستثنائية والمحاكم التابعة لها وتعيد هيكلة كافة أجهزة ألمن بما يضمن احترام كرامة وحقوق جميع الموطنين بصرف النظر عن التهم الموجهة إليهم."
جدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها عن الاتحاد الأفريقي قرار بإدانة الحكومة المصرية بانتهاك نصوص الميثاق الأفريقي منذ انضمت مصر إلى الميثاق قبل ما يقرب من ثلاثة عقود. يذكر أن الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب هو الاتفاقية القانونية الملزمة لكافة أعضاء الاتحاد الأفريقي البالغ عددهم 53 دولة من بينهم مصر. وينص الميثاق على إنشاء اللجنة الأفريقية بوصفها أعلى هيئات الاتحاد الأفريقي المنوط بها مراقبة تعزيز وحماية حقوق الإنسان في القارة الأفريقية. وتتشكل اللجنة من 11 مفوضاً مستقلا يتم انتخابهم بناء على ترشيح من حكوماتهم.
وستقوم المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خلال الأيام القليلة القادمة بنشر كافة مذكرات الدعوى.