قبل أن يتحول إلى حكم عسكري أبدي للبلاد... منظمات حقوقية تطعن على قرار المشير طنطاوي بتشكيل مجلس الدفاع الوطني وتفند مواده
بيان صحفي
تقدم مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ومركز هشام مبارك للقانون ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم بطعن على قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 348 لسنة 2012 بشأن تشكيل مجلس الدفاع الوطني، الذي جاءت محددات تشكيله واشتراطات ممارساته صلاحياته، مكرسة لهيمنة المجلس العسكري على كافة مؤسسات الدولة.
وذهب الطعن الذي توجه ضد المشير محمد حسين طنطاوي بصفته إلى أن "مجلس الدفاع الوطني" وفقا للقرار بمثابة تمديد للهيمنة العسكرية على البلاد، ومجرد مناورة سياسية تفضي في نهاية المطاف إلى إعلاء سلطة الجناح العسكري على الشخصية المدنية للدولة.
واعتبرت المنظمات في طعنها، أن هناك علامات استفهام كثيرة حول توقيت صدور القرار وطريقة صياغته، وما يشي-مستقبليا- بطبيعة وهرمية وآلية اتخاذ القرار في مصر ما بعد الثورة، في ضوء عملية عسكرتها التي تجري على قدم وساق.
وانتقدت المنظمات أيضا آلية اتخاذ القرار داخل مجلس الدفاع الوطني، وفقا للنصاب المحدد لانعقاد المجلس ولحسم قراراته، والتي يمكن حسمها بالإرادة العسكرية -الغير منتخبة شعبيا- والغالبة عدديا على تشكيل المجلس، دون الأخذ في الاعتبار "الأقلية" المدنية التي تمثل أعلى سلطات منتخبة في البلاد.
وخلص الطعن إلى أن التشكيل الأساسي الغالب لعضوية هذا المجلس تتكون من القيادات العليا للسلطة العسكرية بنسبة (10 : 7) من باقي الأعضاء الذين يتكونون في واقع الأمر من: أعلى سلطتين سياسيتين مُنتخبتين في نظام الحكم وهما رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الشعب، وكذلك رؤساء بعض السلطات السياسية التنفيذية في الحكومة متمثلة في رئيس مجلس الوزراء ووزراء الخارجية والداخلية والمالية، إلى جانب وظيفة شبه عسكرية متمثلة في رئيس المخابرات العامة.
علاوة على أن انعقاد اجتماعات هذا المجلس يكون بحضور أغلبية النصف +1 "الأغلبية المطلقة" من إجمالي العضوية أي بحضور 9 أعضاء فقط فضلا عن آلية استصدار القرارات عن هذا المجلس بأغلبية النصف +1 من أعضائه الحاضرين، أي أنه لو حضر 9 أعضاء "الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس" فإنهم يصدروا قراراتهم من 5 أعضاء "الأغلبية المطلقة لأعضائه الحاضرين". وهو أمر محل شبهة لا تخفى، فوفقا لنص الطعن : "الأمر الذي يُشكل بالواقع العملي تداخلاً بل والأحرى تماهياً بين المجلسين "الدفاع الوطني، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة".
واعتبر الطعن أن طبيعة تشكيل هذا المجلس إنما تعكس: "طُغيان للسلطة العسكرية الممثلة فيه على السلطة المدنية للدرجة التي تصل فيها تلك السلطة الأولى وحدها ودون أي سلطة غيرها ـ عملياً وفعلياً ـ إلى أنها هي التي تُعطل أو تُفعل أعمال هذا المجلس المسمى "بمجلس الدفاع الوطني"، ومن ثم قد أتى مضمون القرار هادراً لسيادة الدولة من حيث احتكار القوة العسكرية لها، مُصادماً لفرائض نُظم الحكم الديمقراطية".
ونقل الطعن عن الفقيه الراحل الدكتور عوض المُر ـ الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا ـ رأيه في علو السلطة المدنية على السلطة العسكرية الذي قال فيه " إن القواعد الكلية التي يتضمنها الدستور تكون حداً للنظم العسكرية، فترتبط الجيوش بخضوعها للقانون، وبعلو السلطة المدنية عليها، وتلقيها لتعليماتها منها".
وساق الطعن عدة أسباب موضوعية وسياسية في نقد هذا القرار، قالت إن ملابسات الإصدار في ظل عدم وجود رئيس حاكم للبلاد بمثابة تمرير لسلطة الحكام العسكريين على البلاد.
وذكر الطعن أن نسبة العسكريين للمدنيين في تشكيل مجلس الدفاع الوطني والتي بلغت 10: 7 نسبة يمكن قراءتها على ضوء "نظرية الغلو" حيث تنتفي النسبة والتناسب المعقولة، وهو ما يصبح معه واقعاً أن تلك النسبة عملياً هي المخولة بتعطيل أو تفعيل أعمال هذا المجلس، وفقا لهوى الحكام العسكريين.
وطالبت المنظمات في طعنها رقم 47331 لسنة 66 ق بقبول الدعوى شكلاً، على أن يتم وبصفة مستعجلة، وقف تنفيذ قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة رقم 348 لسنة 2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها بطلان القرارات الصادرة من مجلس الدفاع الوطني وفقاً لتشكيله، وأُسس انعقاد اجتماعاته وطرق إصدار قراراته الواردة بالقرار المطعون فيه، مع الأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان. فضلا عن إلغاء القرار المطعون عليه رقم 348 لسنة 2012، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وحددت المحكمة 10 يوليو 2012 موعدا لأول جلسة.