عام على أحداث مجلس الوزراء: ميزان العدالة لايزال مائلا
بيان صحفي
في ذكرى مرور عام على أحداث مجلس الوزراء التي أسفرت عن مقتل 17 شخصا واصابة المئات، استنكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عدم تقديم أي من المسئولين عن تلك الأحداث من أفراد القوات المسلحة إلى العدالة، بينما تستمر المحاكمة الجنائية لـ269 من المدنيين الذين تم القبض عليهم في محيط التظاهرات، والذين لم يشملهم قرار العفو الصادر من رئاسة الجمهورية.
وقد بدأت المواجهات العنيفة يوم 16 ديسمبر 2011، حيث قامت قوات الشرطة العسكرية بفض الاعتصام السلمي أمام مجلس الوزراء بالقوة وتابع ذلك مواجهات استمرت خمسة أيام استخدمت فيها الشرطة العسكرية الرصاص الحي والسحل والضرب المبرح ضد المتظاهرين والمارة في محيط ميدان التحرير. كما قامت قوات الجيش بسحل وضرب بعض النساء المشاركات في الاعتصام، كما اثبتت عدة مقاطع فيديو - اشهرهم المقطع الذي يظهر فيه جنود الشرطة العسكرية وهم يقومون بالاعتداء على فتاة وتعريه جسدها وسحلها وضربها بالبيادات في أجزاء متفرقة من جسدها.
وتشير المبادرة المصرية إلى انه بعد مرور سنة على الجرائم المرتكبة، لم يتم التحقيق مع أي من ضباط القوات المسلحة، أو توجيه أي اتهامات لهم. وقالت ماجدة بطرس، مديرة وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية: "تم تقديم عشرات البلاغات ضد أعضاء المجلس العسكري وعدد من ضباط الجيش والشرطة بشأن القتل والتعذيب والاعتداءات الوحشية والانتهاكات الجسدية التي جرت خلال الأحداث، لكن قاضي التحقيق (المستشار وجدي عبد المنعم) لم يقم بمباشرة التحقيق في هذه البلاغات أو استدعاء أي من اصحاب الصفة الرسمية المقدمة ضدهم بلاغات، بذريعة عدم ورود التحريات اللازمة من الجهات الأمنية. وذلك رغم ورود تقارير الطب الشرعي ووجود أدلة إدانة ضد القوات المسلحة تتمثل في لقطات الفيديو التي تم تصويرها اثناء الأحداث من قبل الإعلام والمصورين المستقلين تظهر ضباط القوات المسلحة يطلقون الرصاص على المتظاهرين، ويتعدون عليهم بالضرب المبرح ويلقون قطع الاثاث عليهم من أعلى أسطح المباني."
في الوقت ذاته، قام قاضي التحقيق بإحالة 269 من المتظاهرين الذين تم القبض عليهم إلى المحكمة الجنائية بتاريخ 8 مايو 2012 بتهم التجمهر – إتلاف ممتلكات خاصة وعامة – المقاومة والاعتداء علي رجال السلطة – سرقة – حيازة مخدرات (في القضية رقم 629 لسنة2011 جنايات السيدة زينب والمقيدة برقم 3528 لسنة 2011 كلي جنوب القاهرة). وكانت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر قد رصدت ان المتهمين تم القبض عليهم بشكل عشوائي وتم احتجاز عدد كبير منهم في أماكن غير قانونية وتعرضوا للضرب المبرح. كما أضافت الجبهة في بيان صادر في 19 ديسمبر 2011 أنه "رصد محامو جبهة الدفاع عن متظاهري مصر تراخي النيابة العامة في تقديم العلاج اللازم للمتهمين وعرضهم على أطباء متخصصون لبيان حالتهم الصحية وعما إذا كانت تسمح بالاستمرار فى التحقيق معهم أم لا، مما أدي إلى استشهاد محمد محيي حسين في حجز محكمة جنوب القاهرة" يوم 18 ديسمبر2011.
وبرغم إصدار رئيس الجمهورية القرار رقم 89 لسنة 2012 بالعفو الشامل عن بعض من أدينوا أو تم اتهامهم في "الجرائم التي ارتكبت بهدف مناصرة الثورة وتحقيق أهدافها" في الفترة من 25 يناير سنة 2011 وحتى 30 يونيو من عام 2012 (والذي صدر يوم 8 أكتوبر 2012)، إلا أن القرار الصادر من النائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود لتنفيذ العفو الرئاسي يوم 5 نوفمبر، والمرفق به كشف بأسماء من شملهم العفو، لم يشمل أي من المتهمين في أحداث مجلس الوزراء، مما يعني استمرار محكمة الجنايات في محاكمة هؤلاء المتهمين، وهو ما يحدث بالفعل حيث تأجل نظر الدعوي المقامة ضدهم لجلسة 31 يناير 2013 لسماع شهود الاثبات. وقام عدد من المهمين بتقديم تظلمات للنيابة العامة مطالبين أن يشملهم قرار العفو.
وقالت هند نافع بدوي، احدى المتظاهرات التي تعرضت للسحل أمام مجلس الوزراء والضرب ولانتهاكات جسدية واضرار نفسية اثناء احتجازها من قبل أفراد من الجيش في مقر مجلس الوزراء: "انه أمر مثير للسخرية بقدر ما هو مثير للحزن ان اكون انا في قائمة المتهمين في القضية بينما حين مثلت محبوسة أمام المحكمة كانت هناك 45 غرزة في جسدي جراء الاصابات البالغة بعد السحل والضرب والتعذيب الذي تعرضت له." وتؤكد هند تصميمها على أن تسلك الطرق القانونية لاثبات براءتها وتقديم من ارتكبوا الجرائم في حقها للعدالة، مشيرة الى أنها تقدمت ببلاغ أمام قاضي التحقيق تتهم الرائدين( أ. م.) و (ح. م.) - من قوات المظلات - بممارسة التعذيب الا ان قاضي التحقيق لم يتخذ اجراء في بلاغها.
وتؤكد المبادرة المصرية أنه طالما لم تشمل التحقيقات المتهمين ذوي الصفة الرسمية من أفراد الجيش وقياداتهم الذين قدمت ضدهم بلاغات لقاضي التحقيق المُكلف بالأمر، سيظل ميزان العدالة مائلا لصالح أصحاب السلطة وضد المطالبين بالحق.