في تعليقها على مشروع قانون التظاهر منظمات حقوقية: الحكومة تتعامل مع الحق في التظاهر باعتباره جريمة!!
بيان صحفي
ردًا على مسودة قانون "تنظيم حق الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة"، أصدر مؤسسة حرية الفكر والتعبير ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تعليقًا قانونيًا يناقش مشروع القانون، والتي وافق عليها أغلبية مجلس الوزراء بتاريخ 10 أكتوبر وأحالها لرئيس الجمهورية من أجل إقراره. حيث اعتبرت المنظمات مشروع القانون محاولة جديدة لمصادرة الحق في التظاهر والتجمع السلمي، ولوضع قيود مجحفة على ممارسة هذا الحق.
استنكرت المنظمات عدم توافق نصوص القانون مع الحد الأدنى من المعايير الدولية المنصوص عليها في مواثيق الأمم المتحدة –الموقعة عليها مصر– أو تلك الثابتة في الممارسات الفضلى للدول الديمقراطية. ويظهر من مشروع القانون أن الدولة ما زالت تتعامل مع التجمع السلمي –والذي يشمل في تعريفه أشكال أخرى من التجمعات غير التظاهر– على أنه خطر يجب التعامل معه بالقبضة الأمنية أو بالتقييد المسبق، بدلاً من أن تتعامل مع التظاهر والتجمع باعتبارها حقوق ووسائل مشروعة للتعبير عن المطالب، والضغط على الحكومات، وتوسيع المشاركة الشعبية في المجتمعات الديمقراطية.
يتضح جليًا من المواد المطروحة في المسودة الأخيرة أن من قام بإعداد مشروع القانون ينظر للتظاهر على أنه جريمة في طور التحقق. في هذا السياق، فإن المنظمات تؤكد على أن أي قانون جديد لتنظيم التظاهر والتجمع السلمي، يجب أن يتسق مع مكتسبات المصريين من ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وأن يتبع في ذلك فلسفة جديدة تتوافق مع المعايير الدولية ذات الصلة، وأن يحرص على أن يكون جوهر القانون هو ضمان وحماية ممارسة الأفراد لهذا الحق، دون قيود تفرغه من مضمونه، وأن يضع القانون من القيود أمام جهة الإدارة وقوات الأمن، ما يمنعها من عرقلة الأفراد من ممارسة هذا الحق.
ما يثير الاندهاش هو أن مشروع القانون المُقدَّم من وزارة العدل –والذي وافق عليه أغلبية مجلس الوزراء– سار على النهج ذاته الذي اتبعه قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات في الطرق العمومية رقم 14 لسنة 1923، وهي القوانين التي وضعها الاحتلال البريطاني لمواجهة الحركات الوطنية الداعية للاستقلال.
تستعرض المنظمات في التعليق المشكلات الرئيسية التي تضمنتها المسودة الأخيرة لمشروع القانون، وتوضح أوجه القصور في الأجزاء المتعلقة بالقيود المبالغ فيها على الحق في الاجتماع العام، والمطالبة بالحصول على إذن مسبق من وزارة الداخلية قبل تنظيم مظاهرة أو اجتماع، والعقوبات غير المبررة على مخالفات بسيطة أو على التظاهر بدون إخطار، وتقييد الحق في التظاهر في محيط المصالح والمؤسسات العامة وهو من الحقوق السياسية الأساسية التي يتوجب على الدولة كفالته وعدم وضع العراقيل أمام تحقيقه، وإلغاء الحق في الاعتصام، وأخيرًا إعطاء مساحات واسعة لقوات الأمن لتفريق المظاهرات ولاستخدام القوة في التفريق، دون وضع ضوابط أو قيود كافية، كذا استشهدت المنظمات بالمعايير الدولية وأفضل الممارسات في هذا الصدد
وأخيرًا، طالبت المنظمات الموقعة الحكومة بتأجيل سن القوانين التي من شأنها أن تخلق جدلًا واسعًا، والتي تتطلب وجود توافق مجتمعي واسع، إلى حين وجود برلمان منتخب، وأن طرح مشروع قانون لتنظيم التظاهر يجب أن يأتي بالتوازي مع تعديلات تشريعية هيكلية على القوانين والقرارات المنظمة لعمل الشرطة تضع قيودًا كافية على الحق في استخدام القوة، وتضمن محاسبة المخطئين.