تضامنًا مع الأطباء ضد استمرار سلسلة انتهاكات قسم شرطة المطرية: المبادرة المصرية تطالب بعلنية وجدية التحقيق في الاعتداءات على أطباء مستشفى المطرية التعليمي
بيان صحفي
تعقد نقابة الأطباء جمعية عمومية طارئة للنقابة العامة ونقابة أطباء القاهرة يوم الجمعة ١٢ فبراير تحت شعار "حماية الأطباء وكرامتهم وتأمينهم" بعد تعرض أطباء مستشفى المطرية لضغوط وحملات تشويه لتمسكهم بحقهم في محاسبة أمناء شرطة قسم المطرية لاعتدائهم بالضرب والسحل والاحتجاز غير القانوني على طبيبين مناوبين في مستشفى المطرية التعليمي يوم ٢٨ يناير. و تباطأت النيابة العامة في بدء التحقيقات وأمرت أمس فقط باستدعاء ٩ من أمناء الشرطة العاملين بقسم المطرية بعد حدوث الواقعة بـ١٣يومًا .
وتطالب المبادرة المصرية السلطات بإنهاء حالة التحصين من المساءلة التي تتمتع بها الشرطة اليوم وأن تمنع تكرار مثل هذه الحالات. وعلى النيابة العامة أن تقوم بتحقيق جدي وشفاف مع الأمناء المتهمين وسرعة الاستعانة بالطب الشرعي لإثبات الإصابات الحقيقية بعد فوات مدة زمنية منذ حدوثها وهو ما يصعب المهمة وربما يؤدي إلى طمس الأدلة. كما يتوجب على وزارة الداخلية أن تصدر أمرًا بوقف الأمناء عن العمل إلى حين الانتهاء من التحقيقات وهو ما يضمن الحد الأدنى من سلامة عملية التحقيق والمحاسبة ويمنع المتهمين من ممارسة الضغط والإرهاب على الشاكِين وهو تحديدًا ما حدث في هذه الواقعة ويحدث بشكل متكرر في حالات أخرى لا تحصل على نفس الاهتمام الإعلامي.
وقع الاعتداء يوم ٢٨ يناير نتيجة لعدم رضا أحد أمناء الشرطة التابعين لقوة القسم عن التشخيص والتوصيف الذي قام به طبيب الاستقبال لإصابة الأمين المتهم في الواقعة. وقد تقدم الأطباء ببلاغ إلى النيابة بالاعتداء وإرفاق تقارير طبية تثبت الإصابات, إﻻ أن الطبيبين اضطرا إلى التنازل عن شكواهم بعد ممارسة أمناء الشرطة الضغط عليهم وتقدمهم ببلاغ مضاد يتهمون فيه الأطباء الشاكين بالتعدي عليهم. وكان الدافع الرئيسي لتنازل الأطباء عن المحضر هو الخوف من الاحتجاز المؤقت في قسم شرطة المطرية ومن التنكيل الذي قد يتعرضون له في القسم.
الترهيب وممارسة الضغط على كل من يحاول تقديم بلاغ ضد أفراد الشرطة ليس نمطًا جديدًا، فهو يحدث بانتظام في قضايا التعذيب والاعتداء على يد الشرطة لإجبار الشاكي على التنازل، وبخاصة مع التلكؤ والتردد الدائم من قبل سلطات التحقيق في استخدام سلطة الحبس الاحتياطي مع رجال الشرطة المتهمين. ولكن الجديد أن أقسامًا بعينها أصبحت مقترنة بالتعذيب وسوء المعاملة إلى الدرجة التي وصل معها طبيب بمستشفى حكومي إلى قناعة بأن حياته ستصبح في خطر إذا احتجز في قسم شرطة المطرية وهو مؤشر كبير إلى تفاقم إساءة الشرطة في استخدامها لسلطاتها. قسم شرطة المطرية صار عبئًا على منظومة العدالة الجنائية المصرية حيث شهد 14 حالة وفاة في العامين 2014 و2015 فقط, سواء بسبب التعذيب الذي أفضى إلى الموت أو بسبب سوء أحوال الاحتجاز والاكتظاظ في الحجز وعدم توافر الخدمة الطبية.
وبعد أن اضطر الطبيبان إلى التنازل عن بلاغهم قام أطباء المستشفى بإعلان إضراب في المستشفى مطالبين بالتحقيق مع الأمناء المتهمين, وتقدمت نقابة الأطباء ممثلة في نقيب الأطباء ونقيب أطباء القاهرة والأطباء المعتدى عليهم, ببلاغ إلى النائب العام بتاريخ 31 يناير تتهم فيه الأمناء باقتحام المستشفى وتطلب انتداب قاضيًا للتحقيق في الواقعة. وقد أحال النائب العام البلاغ رقم 1305 عرائض إلى نيابة شرق القاهرة الكلية للتحقيق. في نفس الوقت, قام النائب العام بفتح تحقيق في مسألة استمرار غلق المستشفى, وقامت نيابة شرق القاهرة باستدعاء نقيب الأطباء الدكتور حسن خيري ود. منى مينا وكيل النقابة بتاريخ 6 فبراير لسؤالهم عن غلق المستشفى, بعد أن قامت المستشفى بفتح قسمي الاستقبال والطوارئ. وقالت مصادر صحفية إن 22 بلاغًا قد تم تقديمهم ضد نقابة الأطباء من محامين وأفراد تتهم النقابة بتعطيل العمل في مرفق حكومي وهو مستشفى المطرية, فيما يبدو أنها محاولة للضغط على الأطباء لإنهاء الإضراب الجزئي في مستشفى المطرية التعليمي.
بدأت الواقعة فى حدود الساعة الثانية والنصف صباح يوم 2016/1/28 فقد حضر إلى المستشفى شخص مصاب في وجهه بجرح ﻻ يزيد طوله على سنتيمتر ونصف بصحبة مرافق بالملابس المدنية واستقبله الدكتور أحمد السيد طبيب الاستقبال وكان معه ممرض و2 من الأطباء بقسم الاستقبال، وقد روى الطبيب أحمد السيد تفاصيل الواقعة في شهادة مصورة قائلًا: "مصاب ومرافق وصلوا على دراجة بخارية, اتصل موظف الاستقبال بي وبطبيب التجميل, قلنا له إن الجرح بسيط ولا يحتاج إلى غرز, اعترض على تشخصينا وبدأ في السباب, ويوجد شهود على ذلك من الممرضين, ولم نكن نعلم بكونهم من قوة قسم شرطة المطرية, حاولت أن أطلب من الممرض أن يتصل بقسم شرطة المطرية, فحوادث الضرب والاعتراض من المرضى تتكرر كثيرًا, فرد الأمناء "إحنا القسم". قام الأمين باحتجازي وطرد طبيب التجميل: مؤمن عبد العظيم، بعد أن شَهَرَ مسدسه في وجهه. في نفس الوقت وصل ميكروباص به أمناء شرطة وثمانية أفراد. حجزونا في نقطة الشرطة الملحقة بالمستشفى. سحبوا "مؤمن" إلى الخارج, لا أعرف ماذا حدث له, ثم أمسكوا بي "اركب في الميكروباص", قلت "لأ انا ماعملتش حاجة أنا باشتغل هنا ومش هاسيب مكان عملي"، فعاجلوني بالضرب وسحلوني إلى الميكروباص وقاموا بكلبشتي و"رموني في الميكروباص, كل ده في ساحة الاستقبال". تابع الدكتور أحمد روايته قائلًا إنه عند وصولهم إلى القسم, قام الأمناء باصطحابهم إلى الدور الثالث حتى جاء عميد شرطة وأخذهم إلى مكتبه وأخرجهم بعدها, ثم قام باصطحابهم إلى المستشفى حيث قاموا بتقرير الإصابات وتحرير محضر بحضور مدير المستشفى ونائب مدير المستشفى, وهو ما يتطابق مع وصف المجني عليه الثاني الطبيب مؤمن عبد العظيم, طبيب الجراحة والتجميل والحروق والنائب الإداري بالمستشفى التعليمي.
تقابلت المبادرة المصرية مع الشاكي الثاني الدكتور مؤمن عبد العظيم, طبيب جراحة وتجميل وحروق ونائب إداري بمستشفى المطرية التعليمي، وتحدث إلى المبادرة المصرية بتاريخ 2 فبراير 2016 وروى تفاصيل الواقعة كما شهدها. يقول د. مؤمن عبد العظيم إنه استقبل المرضى المشار إليهم في شهادة د. أحمد السيد وكان أحدهم مصابًا بجرح قطعي بسيط في الوجه, فتركهم مع زميله وخرج من الغرفة ولكن د. أحمد اتصل به بعد حوالى 10 دقائق "وقاللي تعالى إلحقني أنا مضروب ونضارتى اتكسرت ومش شايف حاجة". عاد الدكتور مؤمن إلى غرفة الجراحة وعند وصوله إلى غرفة الجراحة وجد زميله طبيب الاستقبال محجوزًا داخل غرفة الجراحة والباب مغلق من الداخل "قعدت أخبط على الباب لحد ما حد فتح من جوا الغرفة ولقيت د. أحمد محتجز في ركن من أركان الغرفة من الشخص المصاب بوجهه وبيعتدي عليه بالضرب بالإيدين والأرجل ومعاه شخص تانى كان بيزعق ولما قلت للممرض اتصل بالقسم، قاللي إحنا القسم، وقال إنه هياخدوه معاهم لقسم المطرية". قام دكتور مؤمن بجذب زميله وإبعاده عن اﻷمين الذي كان محتجزًا بركن من أركان الغرفة, فبادر الأمين الآخر بشهر مسدسه وشد الأجزاء مهددًا د.مؤمن باستخدامه مع توجيه السباب له بشكل مستمر. حاول أحد أفراد أمن المستشفى التدخل في ذلك الوقت ولكن أمين الشرطة هدده قائلًا "إنت عارف إحنا مين وامشي برَّه" وقام بالاعتداء على دكتور مؤمن بالأيدي والأرجل وضربه بطبنجته فى أعلى رأسه ووقتها طلب الدكتور مؤمن من فرد الأمن الذي كان يقف أمام باب غرفة الجراحة بأن يغلق الباب حتى لا يرى المرضى الأطباء في أثناء تعرضهم للاعتداء.
وبعدها بحوالى ربع ساعة حضرت مجموعة تابعة لقوة قسم المستشفى, طبقًا لتقدير د.مؤمن عبد العظيم كانوا ما بين ستة وثمانية أفراد, يرتدون الزي المدني، جاءوا في ميكروباص وقاموا أولًا بإجبار الطبيبين على الذهاب إلى نقطة الشرطة الملحقة بالمستشفى وتحفظوا عليهما في مقر النقطة وأصروا على اصطحابهما إلى القسم بالرغم من مقاومة الطبيبين. حضر حينها المدير المناوب د.أحمد جلال وحاول إخراج الطبيبين فرفضت مجموعة الأمناء وأفراد الشرطة خروجهم من الغرفة وأصروا على نقلهم إلى الميكروباص لاصطحابهم إلى القسم, وتحت وطأة الضرب والترهيب صعد د. مؤمن إلى الميكروباص, في حين اختفى د. أحمد السيد من نظره ويبدو أنه رفض الصعود إلى الميكروباص. يقول د. مؤمن "ماكنتش أعرف هو فين, لقيتهم ساحلينه على الأرض وهاريينه ضرب وشلاليت وبيجروه على الميكروباص, وهو بيزعق وبيقول مش هأركب غير لو جه حد معايا من المستشفى, فقلت له إركب أنا معاك نروح القسم وخلاص".
وعند وصولهم إلى قسم المطرية قابلهم ضابط بالقسم يعرف دكتور مؤمن شكلًا بحكم التعامل بين القسم والمستشفى فى بعض الحالات وسأله خير يا دكتور فأخبره الأمين "دول طالعين الدور الثالث". وتم بالفعل اصطحابهم إلى الدور الثالث واحتجازهم بشكل مؤقت مع محتجزين آخرين محاطين بعدد من المكاتب بها ممر واحد فقط يسمح بالخروج, إلى أن حضر نائب مأمور القسم وتحدث معهم بلهجة اعتذارية وأخرجهم واصطحبهم إلى المستشفى في ميكروباص. عند وصولهم إلى المستشفى استقبلهم هناك دكتور مأمون نائب مدير المستشفى وقال لهم طبقًا لشهادة د. مؤمن "سؤال واحد, حد ضربكم؟ رديت عليه قلت له: إحنا إدعكنا. فقال لي طيب خش جوا دلوقتي". بعد وقت قليل استدعاه د. مأمون لتحرير محضر بالواقعة في نقطة المستشفى، وأفاد د. مؤمن أن فرد الشرطة الذي قام بتحرير المحضر وصف الواقعة في ديباجة المحضر على أنها مشاجرة وليست اعتداء من أمناء الشرطة واقتحامًا للمستشفى. عاد د. مؤمن ليمارس عمله بشكل طبيعي وكان الصباح قد دخل، قال "إحنا كل يوم بنتضرب عادي ومتعودين بس مش من الداخلية".
و يتابع د. مؤمن في شهادته أنه بعد ظهر يوم 28 حضر إلى المستشفى الدكتور أحمد فتحي من نقابة الأطباء ومعه محامٍ وتوجهوا جميعًا مع المجني عليه الثاني د. أحمد السيد إلى نيابة المطرية بالتجمع الخامس وبدأوا في إعطاء أقوالهم وتم إخطارهم من النيابة بأن بلاغًا قد حرر ضدهم على 3 أمناء شرطة, وحضر إلى مقر النيابة أفراد قسم شرطة المطرية المعتدون، بعضهم محمول على أعناق زملائهم في محاولة لإدعاء الإصابة طبقًا لرواية د.مؤمن، في حدود الخامسة عصرًا وفي أثناء أخذ أقوالهم طلب الدكتور مؤمن من وكيل النيابة تأجيل التحقيق إلى الغد بسبب إرهاقه، وهو ما رفضه وكيل النيابة وقال "التحقيق اتفتح الآن ولا يمكن تأجيله وأن ما سوف يتم هو احتجازه هو والدكتور أحمد بقسم المطرية 4 أيام على ذمة التحقيق". يقول الدكتور مؤمن "أنا رايح كشاكي لقيت نفسي متهم. وقلت لوكيل النيابة أنا ماعنديش مانع أتحبس بس في أي حتة إلا قسم المطرية. قال لي ما ينفعش. في الآخر إتنازلنا عن البلاغ, أنا عارف إللي هيحصل لنا لو اتحبسنا في قسم المطرية".
وقد قامت المبادرة بالاطلاع على مقطع مصور قصير نشرته إحدى المواقع الإخبارية مرسلًا إليها من أحد القراء به جزء من تسجيل كاميرات مراقبة المستشفى, طبقًا لادعاء صاحب الفيديو وما جاء بنص الخبر, يظهر فيه الشاكي الثاني الذي قابلته المبادرة، الطبيب مؤمن عبد الهادي، ويتعرف مرسل الفيديو فيه طبقًا لتعليقه على ثلاثة من الأمناء المذكورين سابقًا, ويُظهر الفيديو محاولات الأمناء اقتياد د.مؤمن قسرًا إلى خارج إحدى أروقة المستشفى ودفع أفراد أمن المستشفى بعيدًا عنه.