اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام 10 أكتوبر 2020، يُركز على ضرورة التواصل الفعال مع المحامين للمتهمين الذين يواجهون عقوبة الإعدام
تشارك المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام والذي يهدف هذه السنة إلى تسليط الضوء على حق الوصول إلى محام والحصول على دفاع فعال للمحكوم عليهم بعقوبة الإعدام. وذلك عن طريق استعراض مشكلات الحصول على حق الدفاع في عدة قضايا صدرت فيها أحكام بالإعدام بعد دراسة أوراق القضايا والتحقيقات والتى قد قام الفريق بجمعها وتوثيقها من بداية عام 2017 إلى 2019 واستعراض آراء عدد من المحامين من أصحاب الخبرة في القضايا الجنائية عن أهمية الحق في الدفاع وصعوبات الحصول على هذا الحق في مصر وخاصة في القضايا ذات الطابع السياسي وعن الفرق بين الخدمة القانونية التي يقدمها المحامي الخاص الذي يوكله المتهم وبين المحامي المنتدب بقرار المحكمة.
خلفية عامة:
يمر المتهم بمراحل متعددة تتمثل في الآتي: أولًا، ضبط واحتجاز في مقار الشرطة وهي المرحلة التي تسبق التحقيق وتقوم فيها سلطة الضبط بجمع الاستدلالات وتحرير محضر الضبط. وفي القضايا ذات الطابع السياسي1 عادة ما يتم احتجاز المتهم في إحدى مقرات الأمن الوطني ولا يتم في أغلب الأحوال إخطار ذويه أو السماح له بالاتصال بمحاميه بالمخالفة للقانون.. ثانيًا، يتم عرض المتهم على النيابة العامة لإستكمال التحقيقات، والمرحلة الأخيرة هي الإحالة إلى المحكمة إلى حين القضاء بحكم مرورُا بمراحل التقاضي المتعددة. وينُص الدستور2والتشريع المصري على ضمان حق المتهمين في الدفاع وعلى تفعيل الحق في التواصل بين المتهم والمحامي في جميع مراحل التقاضي - بدء من مرحلة جمع الاستدلالات - للتشاور في كل ما يتعلق بالتهم والقضية والأحكام النهائية لضمان محاكمة عادلة. عدم وجود تمثيل قانوني فعال, خاصة في محاكمة جنائية تحتمل أن يصدر فيها أحكام بأشد العقوبات التي أقرها القانون المصري مثل عقوبة الإعدام يشكل فيصل بين حياة او موت الفرد لأن الخطأ فيها غير قابل للتصحيح، فالحق بالاستعانة والتواصل الفعال مع محامِِ هو ضلع رئيسي من أضلاع المحاكمة العادلة وتحقيق العدالة وسيادة القانون.
الجزء الأول: الإطار القانوني المصري المنظم للحق في الدفاع والحق في الاستعانة بمحام
يُعنى قانون الإجراءات الجنائية, بالإضافة إلى قانون المحاماة, بتنظيم الحق في الدفاع كجزء من تنظيم وضمان الحق في الحصول على محاكمة عادلة وحق المواطن في اللجوء إلى القضاء - وهي من الحقوق الدستورية الرئيسية التي يكفلها الدستور المصري3 وكافة دساتير العالم. أما عن قانون الإجراءات الجنائية فقد نص على حق الدفاع في المواد الآتية:
- المادة 6 : "إذا تعارضت مصلحة المجني عليه مع مصلحة من يمثله أو لم يكن له من يمثله، تقوم النيابة العامة مقامه."
- المادة 124 : "في غير حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة، لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد."
- المادة 125 : "يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر القاضي غير ذلك."
- المادة 141 : "لقاضي التحقيق في كل الأحوال أن يأمر بعدم اتصال المتهم المحبوس بغيره من المسجونين وبألا يزوره أحد، وذلك بدون إخلال بحق المتهم في الاتصال دائما بالمدافع عنه بدون حضور أحد."
وأما عن قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 فقد نص في المواد 52 و53 على الآتي:
- المادة 52: "للمحامي حق الإطلاع على الدعاوى والأوراق القضائية والحصول على البيانات المتعلقة بالدعاوى التي يباشرها ويجب على جميع المحاكم والنيابات ودوائر الشرطة ومأموريات الشهر العقارى وغيرها من الجهات التى يمارس المحامي مهمته أمامها أن تقدم له التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه وتمكينه من الاطلاع على الأوراق والحصول على البيانات وحضور التحقيق مع موكله والحصول على البيانات وحضور التحقيق مع موكله وفقاً لاحكام القانون ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ قانونى."
- مادة 53: "للمحامى المرخص له من النيابة بزيارة أحد المحبوسين فى السجون العمومية حق زيارته فى أى وقت والاجتماع به على انفراد وفي مكان لائق داخل السجن."
- مادة 214: " انتداب المحامى العام من تلقاء نفسه محاميا لكل متهم بجناية، صدر أمر بإحالته إلى محكمة الجنايات، إذا لم يكن قد وكل محاميا للدفاع عنه"
- المادة 3 مكرر ج من قانون الطوارئ 4 "يجوز لمحاكم أمن الدولة الجزئية طوارئ، بناء على طلب النيابة العامة احتجاز من توافر في شأنه دلائل على خطورته على الأمن العام لمدة شهر قابلة للتجديد."
وبالرغم من أن قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 قد وسع من سلطات التحفظ على المتهمين أثناء فترة جمع الاستدلالات وقام بتعديل الكثير من الأمور الإجرائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في القانون, إلا أنه لم يلغي الحق الدستوري الأساسي في الاستعانة بمحامِ بل ونص على ضرورة قيام مأمور الضبط القضائي بإبلاغ المتحفظ عليه بأسباب التحفظ والسماح له بالاستعانة بمحام, على الرغم من أن القانون أضاف قيدًا مبهمًا على هذا الحق بأن اشترط ألا يخل ذلك "بمصلحة الاستدلال".5
الجزء الثاني: صعوبات الوصول إلى محام بالنسبة للمحكوم عليهم بالإعدام
الاستعانة بمحامي والتواصل الفعال قبل أو أثناء التحقيق أمام النيابة العامة:
عدم وجود تواصل فعال بين المتهم والمحامي في وقت التحقيق وفترة ما قبل التحقيق بالأخص، والذي قد يحدث فيها بعض الانتهاكات مثل حمل المتهمين على الاعتراف بجرائم، تؤثر سلبًا على فرص المتهم في القضية وفي مرحلة المحاكمة لاحقًا. وتتواتر ادعاءات تعرض المتهمين للتعذيب أثناء تلك الفترة (ويضاف إلى ذلك تجاهل النيابة في مرحلة التحقيق طلبات المتهمين لعرضهم على الطب الشرعي أو المماطلة في النظر في تلك الطلبات) ، وأيضًا تصوير وبث اعتراف المتهمين في بعض الأحيان من قبل وزارة الداخلية بشكل علني6وقبل بدء التحقيقات القضائية من النيابة أو من قاضي التحقيق, بما يقوض من إمكانية الدفاع القانوني قبل بدء التقاضي ويعرقل تأدية المحامي لواجباته واستخدام أدواته القانونية للوصول والدفاع عن المتهم بشكل فعال.
وتتحجج النيابة في بعض الأحيان بالأسباب التالية وبشكل متكرر لمباشرة التحقيقات بدون حضور محامي
- توفر حالة الضرورة والاستعجال (إعتراف المتهم أو مبادرة المتهم بالإدلاء بأقواله)
- خشية ضياع الأدلة
- عدم وجود محامين للندب
- خشية سقوط مواعيد حجز المتهم القانونية
وعلى الرغم من أن هذه الظروف يفترض أن تكون شديدة الاستثنائية إلا أن النيابة تباشر التحقيق بدون محامي بشكل متكرر خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي والقضايا التي تتضمن اتهامات من قانون مكافحة الإرهاب, وفي حالات أخرى لا تبدي النيابة أي أسباب على الإطلاق لمباشرة التحقيق واستكماله في أكثر من جلسة بدون وجود محامي.
تعطي الأرقام المبينة أدناه صورة تقريبية عن كثرة اللجوء لهذه الممارسة من قبل جهات التحقيق وعن عدد القضايا الصادر فيها أحكام بالإعدام والتي ينتقص فيها حق الاستعانة بمحامي أثناء فترة التحقيق. هذه الأرقام هي مجرد عينة مبنية على القضايا التي قامت المبادرة المصرية بدراستها في الفترة بين عامي 2017 و2019 الأرقام هو عدد المتهمين الذين استطاعوا التواصل مع محامين خلال فترة التحقيق أمام النيابة العامة كانت على النحو الآتي:
2017:
29 متهم تم مباشرة التحقيقات معاهم بدون محامي سواء كان منتدب أو خاص - أي في غياب كامل للدفاع القانوني
15 متهم حضر معهم محامي منتدب بدلا من محامي من اختيارهم
3 متهمين فقط حضر معهم محاميهم الخاص
2018:
غياب الدفاع القانوني لإحدى عشر متهم
حضور محام منتدب مع 5 متهمين
حضور محام خاص مع متهم واحد فقط
2019:
15 متهم تم مباشرة التحقيقات معهم بدون محامي
3 متهمين حضر معهم محامي منتدب
لا توجد حالة واحدة من القضايا التي قامت المبادرة المصرية بتوثيقها في 2019 حضر فيها التحقيقات محام من اختيار المتهم
الوصول لمحامي بعض العرض على النيابة وأثناء المحاكمة
بدايةً من إحالة المتهم للمحكمة، يشترط القانون أن يحضر مع المتهم معه محامي خاص أو منتدب وإلا تكون الأحكام الصادرة في تلك القضية باطلة. ولذلك عادةً ما يحدث في حالة عدم وجود محامي موكل، هو أن المحكمة تقوم بانتداب محامي موجود في مقر المحكمة للحضور مع المتهم.
يعرض هذا الجزء من الورقة سين وجيم مع محامين حقوقيين للتأكيد على فعالية التمثيل القانوني بالانتداب أثناء المحاكمات الجنائية ومدى تأثيره على الحق في الدفاع
من هو المحامي المنتدب؟
بما أنه لا يجوز الحكم في أي جناية إلا بحضور محامي, في حال غياب محامي موكل، تقوم محكمة الجنايات بانتداب محامي للمتهم.. حيث يتاح جدول للمحامين المنتدبين المتواجدين في محاكم الجنايات بأسمائهم، ويطلب القاضي انتداب محامي من الحاضرين في المحكمة ويقوم بتسليمه ورق القضية حتى يترافع أو يقدم طلباته (طلب تأجيل الجلسة للإطلاع على سبيل المثال).
المحامي المنتدب مثله مثل أي محامي، ولكنه يقرر أن يعمل بالانتداب في محكمة الجنايات وتحدد له أو لها نقابة المحامين تحدد الأجر وفقُا لكل قضية. وفي الأغلب يكون محامي الان دائم التواجد في محاكم الجنايات منتظرًا أن يتم انتدابه من الهيئة القضائية. من الصعب على المحامي المنتدب أن يقوم بتأدية دوره بشكل فعال لأن انتدابه يكون وقتي والقضايا الجنائية تحتاج إلى فترة دراسة لا تقل عادة عن أسبوع, وبطبيعة الحال يزداد احتياج المحامي إلى الوقت لدراسة القضية والتعرف على المتهم كلما ازدادت صعوبة القضية وخطورة الاتهامات.
هل يتم انتداب محامين في القضايا المصحوبة بحكم إعدام؟
نعم يحدث ذلك. ولكن في القضايا التي قد يصدر فيها عقوبات قاسية مثل الإعدام، اتسأل المحكمة المتهم إذا كان في قدرته توكيل محامي -- فإن كان في قدرته وفي رغبته القيام بذلك يتم تأجيل الجلسة، أو إذا كان يحبذ أن تنتدب له المحكمة محامي. نظريا يجب على المحكمة أن تتخذ قرارها بناءً على رد المتهم.
هل عادة ما تكون لدى المحامي المنتدب الخبرة الكافية والوقت الكافي لدراسة القضية؟
في جلسات المحاكمة، ينتدب القاضي محامي ويقوم بتسليمه الملف للمرافعة أو لعرض طلباته (التأجيل) في نفس اليوم - في بعض الأحيان قبل ساعات قليلة من الجلسة. إذا إختار المحامي المرافعة، وذلك هو ما يحدث في الأغلب، فإنه لا يؤدي حق الدفاع بشكل جيد لعدم وجود وقت كافي للتحضير. في بعض الحالات القليلة في المحاكم الجنائية في مصر يطلب المحامون بالتأجيل والحصول على نسخة من أوراق القضية للحصول على وقت كافي لدراستها وتحضير الدفاع.
هل هناك فرصة للمحامي المنتدب أن يحصل على جلسة انفرادية مع المتهم مثل المحامي الموكل من البداية؟
يتم تقديم طلب للمحكمة ويرجع القرار بالسماح أو الرفض للهيئة القضائية.
فما هي الفروق الأساسية بين المحامي المنتدب والخاص, والتي نستطيع أن نفهم منها أن الدفاع القانوني لا يمكن أن يختصر في مجرد حضور محامي سواء كان محامي خاص أو منتدب ؟
إنتداب المحامي للجسات هو مجرد تكملة للشكل القانوني، لأن في الأغلب المحامي المنتدب يمتلك خبرة أو مهارة قراءة ورق القضية في وقت سريع عند تسليمه الملف في يوم المحاكمة. وعادة ما يكتب دفوعه سريعًا ويقوم بدوره في المرافعة بغض النظر عن الناتج النهائي أو الحكم القضائي في نهاية الأمر. يختلف المحامي المنتدب عن المحامي الموكل لأن المحامي الموكل يفترض أن يكون حاضر أو عالم بالتحقيقات منذ البداية ومُلم بتفاصيل القضية بالشكل الذي يمكنه من تحضير دفاع جيد. اما المحامي المنتدب فلا تُسنح له فرصة دراسة القضية بشكل جيد لأنه في نهاية الأمر وفي أغلب الحالات مجرد شرط يجب استيفائه لاستكمال الشكل القانوني للمحاكمة وحتى لا يُبطل الحكم.
صعوبات قد تواجه المحامين في الدفاع عن المتهمين في القضايا التي قد يصدر فيها أحكام بالإعدام
ما هي الصعوبات العملية التي يواجهها المحامي عادة في قضايا الإرهاب أو القضايا التي قد يصدر فيها أحكام بالإعدام؟
في السنوات الأخيرة ، أصبح الوصول لأوراق قضايا أمن الدولة (طوارئ) أمر شبه مستحيل, سواء للحصول على نسخة أو حتى للإطلاع. وقد تم تطبيع هذا الوضع حتى أصبح المتعارف عليها هو أن المحامي في أغلب الأحوال لن يستطيع الحصول على نسخة من أوراق التحقيقات من نيابة أمن الدولة في قضية هو موكل فيها, وأن الفرصة لن تسنح له إلا عندما يُصدر أمر الإحالة للمحكمة.
كيف يؤثر ذلك على الحق في الدفاع وعلى المرافعة؟
دراسة القضية والإطلاع على الأوراق والاتهامات والأسئلة والأجوبة هي حجر الأساس في الدفاع الجيد - بغيابه يصعب بشدة على المحامي تطوير دفوع جيدة, ولهذا فأن حق الدفاع يعتبر منقوص بشدة إن لم يكن منتهك بشكل كامل إذا لم يحصل المحامي على نسخة من أوراق القضية منذ بدء التحقيقات وخاصة إذا لم يسمح له بالإطلاع عليها مطلقًا وهي ممارسة متكررة خاصة في القضايا التي تحقق فيها نيابة أمن الدولة.
هل تُسنح للمحامي فرصة الجلوس مع المتهم إنفراديًا؟
التحدث مع المتهم في خصوصية تامة هو أيضا ركن رئيسي من أركان الحق في التمثيل القانوني في القضايا الجنائية العادية يمكن للمحامي أن ينفرد بموكله. ولكن في القضايا ذات الطابع السياسي وخاصة في القضايا التي تحقق فيها نيابة أمن الدولة طوارئ أصبح الحصول على خصوصية مع الموكل أمر بالغ الصعوبة.
ما هي أهمية إنفراد المحامي مع المتهم؟
من البديهي أن يسمح للمتهم أن يتحدث مع ممثله القانوني فيما قد يفيد موقفه القانوني بدون حضور خصمه القانوني. مشاركة بعض الأقوال بشكل خاص وبدون استماع أي طرف خارجي خاصة لو كان خصمه الرئيسي في القضية أمر بالغ الأهمية وقد يكون مفيد لمسار القضية و. ولكن مؤخرا أصبح الطبيعي في مصر أن يتواجد طرف ثالث في أي لحظة يتحدث فيها المحامي مع موكله ممايُصعب المسألة على المتهم وعلى المحامي.
كيف تؤثر الإنتهاكات التي قد تطرأ أثناء أو قبل التحقيقات الابتدائية على حق الدفاع؟
إذا قام المتهم بالإدلاء باعترافات تحت ضغط أو حمل على الاعتراف بارتكاب مخالفات أو جنايات مقابل وعود على سبيل المثال وإذا حدث هذا أثناء التحقيق مع النيابة, تزداد صعوبة الدفاع المنوط بها المحامي بشكل مطرد لأن من الصعب التراجع عن "الاعترافات القضائية". في بعض القضايا التاريخية على سبيل المثال, صدرت اعترافات من بعض المتهمين وتم إثباتها في أوراق التحقيقات، ولكن المحاكم قامت تبرئتهم في النهاية لأن المحامي أثبت أن الإعترافات تمت تحت التعذيب (في مرحلة ما قبل التحقيق). وتأخير عرض المتهم على الطب الشرعي إذا طلب ذلك, وهو ما يحدث بشكل متكرر في الكثير من القضايا التي يصدر فيها أحكام بالإعدام, يؤدي إلى زوال الإصابات إن وجدت فيصبح من الصعب عمليا الدفع بالقسوة والتعذيب الذي تم ممارسته لحمل المتهم على الاعتراف. هذه الاعترافات المستخرجة تحت ضغط تصعب بشدة من مهمة الدفاع القانوني, ولهذا يضمن القانون والدستور حق حضور المحامي في كافة مراحل التحفظ والتحقيق لضمان حقوق المتهمين في المحاكمة العادلة.
كيف يمكن أن يكون التواصل بين المحامي وموكله فعالًا؟
"التواصل الدائم"7بين المحامي والمتهم ركن أساسي من قانون الإجراءات الجنائية ومن أساسيات تفعيل حق الدفاع بشكل عادل، حجب الإتصال او تحديد توقيتات معينة للتواصل يؤثر على مسار المحاكمة العادلة ونتائجها. إتاحة المقابلات في جميع مراحل التقاضي حق فرعي من حق التواصل الدائم، أي أنه يجب تسهيل التواصل بين المحامي والمتهم بدايةً من وقت الضبط والإحضار وجمع الاستدلالات, مرورًا بالتحقيقات، وأخيرًا أثناء المحاكمة. من ضمن صعوبات التواصل الدائم على سبيل المثال :هو أن قواعد مصلحة السجون في مصر تلزم المتهم بالمكوث في زنزانته في أوقات محددة خلال اليوم مما يُشكل عائق كبير في سهولة تحديد مقابلات بين المحامي وموكله, حيث يخضع التواصل مع المحامي لنفس الشروط والقيود التي تنطبق على الزيارات, بينما يجب أن تكون الأولوية لضمان حق دفاع وتواصل مباشر بين الطرفين - فالطبيعي في الكثير من منظومات العدالة الجنائية في الدول الأخرى أن المتهم أو المحبوس احتياطيًا يحق له الاجتماع بمحاميه في أي وقت يطلبه.
ولا تكتمل الصورة العادلة والحق في الاستعانة بمحامي غير بوجود "سرية تامة"8 وبدون حواجز بينهما, أي أنه ينبغي على السلطات تسهيل التواصل بينهما والسماح بتبادل الرسائل والمعلومات. تتحق تلك السرية من خلال عاملين أساسيين: "ثقة المتهم فيمن يتحدث إليه"، أي إلزام المحامي بكتمان السر كما نص القانون وعدم الإدلاء بأقوال المتهم بغير موافقته. ثانيًا، عدم وجود طرف ثالث في المشورة القانونية سواء كانت في صورة مقابلة أو محادثة أو الإطلاع على الأوراق والرسائل المتبادلة بينهم. عدم تفعيل السرية بين المحامي وموكله في الأمور المتعلقة بالقضية، تغض من المساحة المتاحة للمتهم بالإدلاء بأقواله بأريحية تامة.9
وأخيرا ولضمان مرافعة فعالة من واجب السلطات القضائية أن تمكن المحامي من الإطلاع على المستندات الخاصة بالقضية في جميع مراحلها ولفترة تكفيهم لدراسة القضية جيدًا من أجل تقديم مساعدة قانونية فعالة لموكله. ومن ناحية الموكل يجب ضمان توفير وتذليل العقبات في سبيل الوصول والاستعانة بمحامين من اختيار الموكلين لضمان تحقيق أكبر قدر ممكن من فعالية الدفاع القانوني.
- 1. عادل رمضان رافع، "التواصل الفعَال بين المحامي والمتهم والحق في المحاكمة العادلة"، معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط 2020
- 2. المادتين 96 و 98 من الدستور المصري.
- 3. المادة 97 من الدستور المصري
- 4. مادة 3 مكرر ج من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 بموجب القانون رقم 12 لسنة 2017
- 5. المادة 41 من قانون مكافحة الإرهاب
- 6. طالع سلسلة تقارير المبادرة السنوية عن عقوبة الإعدام التي تصدر منذ ٢٠١٨ تحت عنوان "بإسم الشعب".
- 7. عادل رمضان رافع، "التواصل الفعَال بين المحامي والمتهم والحق في المحاكمة العادلة"، معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط 2020
- 8. المصدر السابق
- 9. المصدر السابق