ثلاث سنوات أخرى من القمع تجديد قانون الطوارئ انتهازية سياسية مفضوحة
بيان صحفي
أعربت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم عن خيبة أملها البالغة إزاء موافقة مجلس الشعب مساء أمس على القرار الجمهوري بتجديد العمل بقانون الطوارئ لثلاث سنوات أخرى، وعن امتعاضها من أسلوب الحكومة في تمريره المفاجئ خلال 24 ساعة وقبل ما يزيد عن ثلاثة أشهر من انتهاء حالة الطوارئ -المفروضة دون انقطاع تقريباً منذ 1967- في محاولة لاستباق أية أنشطة معارضة لتجديد العمل بالقانون سيئ السمعة.
كما عبرت المبادرة عن رفضها للانتهازية السياسية التي انتهجتها الحكومة في تمرير التجديد، واستغلالها لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ومناخ القلق الدولي الذي أعقبها وما تطلق عليه الولايات المتحدة "الحرب على الإرهاب" في تبرير سياستها القمعية. وقالت إن من العار على النظام، بل على كل ذي ضمير، أن يستغل فاجعة راح ضحيتها قرابة ثلاثة آلاف نفس بشرية في تبرير ارتكاب أشكال أخرى من الإرهاب ضد مواطنيه.
وفي رد فعل على ما نقلته الصحف عن المذكرة الإيضاحية التي قدمتها الحكومة للبرلمان من أن "قانون الطوارئ هو الملاذ والدرع الواقي الذي لا يخافه المواطن العادي ولكن تخشاه الفئات الفاسد الشرسة" صرحت المبادرة بأن هذا الزعم يثير السخرية والغثيان. فقد وثقت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية على امتداد السنين الانتهاكات التي نتجت ولا زالت تنتج عن قانون الطوارئ رقم 162 لعام 1958 ضد حقوق المواطن العادي -الذي تدعي الحكومة حمايته بقانون الطوارئ- في الحياة وفي الخصوصية، وفي الحرية والأمان الشخصي، والحماية من التعرض للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، والمحاكمة العادلة والمنصفة بما في ذلك الحق في الدفاع. إضافة إلى القيود المفروضة على حرية الإعلام والحق في التجمع السلمي وتكوين المؤسسات والحصول على المعلومات.
وذكّرت المبادرة بالحكم الهام الذي صدر عن القضاء الإداري الأسبوع الماضي بشأن الحق في التظاهر، والذي نص على أن الحقوق المكفولة دستورياً لا يجوز أن تخضع لقيود يفرضها المشرع في القوانين، وهو الحكم الذي ينطبق على باقي قائمة الحقوق المذكورة أعلاه، والذي يجب البحث عن آليات لتنفيذه. كما أن المحكمة الدستورية العليا تنظر على الأقل ثلاثة طعون ضد دستورية قانون الطوارئ قد تنتهي بتخليص البلاد من هذا القانون الجائر.
وكانت لجنة الأمم المتحدة للحقوق المدنية والسياسية قد عبرت في نوفمبر الماضي عن انزعاجها من فرض الحكومة المصرية لحالة الطوارئ بصورة شبه دائمة، واعتبرت ذلك مخالفة للمادة الرابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي أصبح جزءاً من التشريع الداخلي بتصديق مصر عليه عام 1982. وكانت اللجنة ذاتها قد أصدرت تفسيراً قانونياً ملزماً للمادة الرابعة من العهد والخاصة بتنظيم إعلان حالة الطوارئ عام 1981 قالت فيه إن "التدابير المتخذة بمقتضى المادة 4 ذات طابع استثنائي ومؤقت ويمكن لها أن تستمر فقط طوال المدة التي يكون فيها بقاء الأمة ذاتها مهدداً، وانه في أوقات الطوارئ، تصبح حماية حقوق الإنسان أهم مما عداها."
وقالت المبادرة إن الحكومة ستكون مخطئة إن ظنت أنها بتمرير القانون بهذه السرعة قد أفلتت من أعمال المراقبة الشعبية والقضائية والدولية. وذكّرت نشطاء الحقوق المدنية في مصر بأن الحملة ضد الطوارئ يجب أن تستمر، وأعمال الاحتجاج ضدها لا بد أن تتم كما تم التخطيط لها، ولا بد أن نجعل من المستحيل على الحكومة أن تتهرب من اتهامات الداخل والخارج بقمع الحقوق المدنية والسياسية وتقييدها، وأن ندفع النظام إلى إدراك أن الثمن السياسي لتجديد حالة الطوارئ في المرة القادمة سيكون أعلى من قدرته على الدفع. إن علينا أن نتعلم من دروس الماضي ونبدأ من اليوم حملة منع تجديد العمل بقانون الطوارئ في أوائل 2006. كما أن على الدول الكبرى أن تقطع الطريق على الأنظمة القمعية نحو مزيد من القمع بتجريدها من الحجج التي تستخدمها للعصف بحقوق مواطنيها وحرياتهم.