الحكومة تستجيب لاعتراضات مجلس الدولة والمجتمع المدني على قرار إنشاء هيئة الإسعاف المصرية...بيان من لجنة الدفاع عن الحق في الصحة (رقم 8)
بيان صحفي
تعرب لجنة الدفاع عن الحق في الصحة عن ارتياحها لاستجابة الحكومة للاعتراضات التي أبداها كل من مجلس الدولة ومنظمات المجتمع المدني المصرية على مشروع القرار الجمهوري بإنشاء (هيئة الإسعاف المصرية). وقد صدر القرار الجمهوري بعد أن أدخلت عليه الحكومة عدداً من التعديلات الجوهرية برقم 139 لسنة 2009 في يوم 3 مايو 2009، وتم نشره في الجريدة الرسمية في اليوم التالي دون صدور أي إعلان رسمي من أي جهة في الدولة عن إصداره أو عن إنشاء الهيئة الجديدة التي ستقوم على هذا المرفق الحيوي.
وكانت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة ـ والتي تضم قرابة عشرين منظمة غير حكومية مصرية ـ قد أصدرت بياناً في شهر أكتوبر 2008 أعلنت فيه رفضها لمشروع القرار الجمهوري الذي نشرته الصحف وقتها، والذي اعتبرته اللجنة خصخصة فعلية لمرفق الإسعاف المجاني عبر تحويله إلى هيئة ربحية تحت دعاوى التطوير. وقد ضمت اللجنة في بيانها السابق صوتها إلى صوت مجلس الدولة والذي كانت إدارة التشريع فيه قد تقدمت باعتراضات مماثلة عند عرض مشروع القرار عليها قبل أن تقوم بإعادته إلى وزارة الصحة مع مطالب بتعديل الكثير من مواده.
وترى لجنة الدفاع عن الحق في الصحة أن القرار في صورته النهائية جاء متوافقاً إلى حد كبير مع مطالبة اللجنة بضمان حق المصريين وغيرهم من المقيمين في مصر في الحصول على خدمات مرفق الإسعاف دون دفع مقابل عن الخدمة. فإلى جانب النص في المادة الأولى من القرار على كون الهيئة الجديدة "من الهيئات الخدمية" لنفي صفة الربحية عنها، فقد تضمن القرار فقرة جديدةً تنص على أن الهدف الأول من أهداف الهيئة هو "إتاحة خدمة الإسعاف الطبي بالمجان لجميع المواطنين والمقيمين بجمهورية مصر العربية في حالات الحوادث والكوارث والطوارئ وغيرها من الحالات التي يصدر بشأنها قرار من مجلس إدارة الهيئة، أياً كان النظام العلاجي أو التأميني الذي يخضعون له." ويختلف هذا النص جذرياً عن المشروع الأصلي المقترح من وزارة الصحة والذي كان يقضي بأن "تؤدي الهيئة خدماتها لجميع الأفراد...ولها الحق في استرداد التكاليف التي تتكبدها في مقابل تقديم الخدمة." وفي نفس الاتجاه الساعي إلى المحافظة على الطابع العام لهيئة الإسعاف، نص مشروع القرار النهائي على أن تعد موازنة الهيئة الجديدة "على نمط الموازنة العامة للدولة" بدلاً من النص الأصلي الذي كان "على نمط الموازنات التجارية"، مع حذف العبارات المتعلقة بتمتع الهيئة "باستقلال فني ومالي وإداري" وخضوعها للائحة مالية وإدارية خاصة بها.
وكان سعي الحكومة مبدئياً إلى خصخصة قطاع الإسعاف وتحويله إلى مشروع ربحي يقدم الخدمة بمقابل مادي قد أثار الكثير من الاستغراب والدهشة، حتى في ظل التوجه العام للحكومة الحالية نحو خصخصة الخدمات الصحية بشكل عام. فالبنك الدولي نفسه وغيره من الجهات المانحة التي تشجع الدولة على التخلي عن تقديم الخدمات الصحية والاتجاه لشرائها من القطاع الخاص يجمعون على أن الدور المحدود الذي سيتبقى للدولة سينحصر في أربع مهام هي رسم السياسات، وتحديد معايير الجودة ومراقبة تنفيذها، والتطعيمات الإجبارية، والإسعاف.
كما حرص القرار الجمهوري في صورته النهائية على تقليل سلطة وزير الصحة على مجلس إدارة هيئة الإسعاف وتدخله في قراراتها. حيث نص القرار على أن يتم تعيين رئيس الهيئة من قبل رئيس مجلس الوزراء وليس وزير الصحة كما جاء في النص الأصلي، على أن يكون التعيين بناء على ترشيح من الوزير. وتم حذف مادتين من مشروع القرار كانت إحداهما تكفل للوزير "سلطة الإشراف والرقابة والتوجيه على الهيئة" والحق في حل مجلس إدارتها، بينما كانت الثانية تعطي الوزير الحق في اعتماد ميزانية الهيئة وحساب الأرباح والخسائر بقرار وزاري.
من ناحية أخرى، تحذر لجنة الدفاع عن الحق في الصحة من التوسع في تفسير وتطبيق الفقرة الخامسة من المادة السابعة من القرار الجمهوري والتي تعطي مجلس الإدارة الحق في تحديد مقابل بعض الخدمات المتميزة التي تؤديها الهيئة في غير حالات الحوادث والكوارث والطوارئ، وتطالب اللجنة مجلس الإدارة فور تعيينه بالإعلان عن هذه الخدمات المتميزة وأسعارها بشفافية كاملة لضمان عدم استخدام هذه الفقرة كباب خلفي لتحميل المواطنين بأعباء مالية بالمخالفة لنص ومضمون القرار الجمهوري. وكانت اللجنة قد أكدت في بيانها السابق أنه وبالرغم من أن قواعد الإسعاف الحالية تنص على مجانية نقل المرضى داخل المدينة إلا أن المرضى يضطرون الآن لدفع رسوم على النقل بين المدن والمحافظات تصل أحياناً إلى مئات الجنيهات تحت مسمى الرسوم الإدارية، وهي الممارسة التي يجب القضاء عليها نهائياً عند إنشاء الهيئة الجديدة.
إن لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة إذ تحتفل بهذا الانتصار على التوجه الساعي إلى خصخصة مرفق الإسعاف، لتتعهد بمواصلة نضالها ضد خصخصة الخدمات الصحية وتحويل هيئات وزارة الصحة والتأمين الصحى من هيئات خدمية إلى شركات تجارية ربحية وتقليص خدمات التأمين الصحى للمواطنين وتركهم فريسة لاستغلال شركات التأمين الطبي الخاصة.
مرفق القرار الجمهوري بإنشاء هيئة الإسعاف المصرية.