بيان مشترك لمجموعات من المجتمع المدني من المنطقة العربية حول تدخلات المصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير في منطقة جنوبي البحر المتوسط وشرقيه
بيان صحفي
جانب المسؤولين في المصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير،
وسع المصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير عمله ليشمل منطقة جنوبي البحر المتوسط وشرقيه بخمسة مشاريع وُقّعت إلى الآن مع المغرب والأردن ومصر وتونس. ونظراً إلى تركيز المشاريع في مجالات الطاقة، والملكية الخاصة، والأعمال الزراعية، ومشاريع من خلال الوسطاء الماليين، نعتبر أن هذا النوع من العمليات والتدخلات من قبل المصرف تأتي لمجرد تمتين نموذج معين من الاقتصاد وتحرير السوق وعمليات الخصخصة وتعزيزه، وهو نموذج ليس مؤاتياً للتنمية بل هو وعلى العكس من ذلك، يحوّل عمليات الإصلاح التي تركز على التنمية وبدأت في هذه البلدان أواخر 2010. ووفقاً لذلك، يجب تحسين الكشف عن المعلومات حول مشاريع الوسطاء الماليين للمصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير، من أجل ضمان مقدار أكبر من المساءلة والشفافية وإثبات أن عمليات الوسطاء الماليين تُستخدم فعلاً لمشاريع مستدامة اجتماعياً وبيئياً ومن شأنها أن تحمل منافع إيجابية للمجتمعات المحلية، فضلاً عن البيئة. وعلاوة على ذلك، ينبغي على المصرف الإفصاح عن المعلومات في شكل روتيني حول متوسط حجم القرض، والنسبة المصروفة من القروض المحولة عبر وسطاء، والأهم من ذلك القطاعات التي يُفترض أن تدعمها قروض كهذه. وفي حين أن تحويل أموال التنمية من خلال الملكية الخاصة لا يضمن طبيعة المستفيدين النهائيين ولا يسمح برصد نتائج التنمية وتقييمها، يُعتبر عدم وجود آليات فاعلة لرصد النتائج التنموية والبيئية والاجتماعية للمشاريع بالنسبة إلى الوسطاء الماليين إشكالياً على حد سواء.
ونحن نعتبر مشاركة منظمات من المجتمع المدني من المنطقة العربية في الاجتماع السنوي للمصرف الأوروبي للإنشاء والتعمير في 2013 فرصة مهمة للتفاعل وتبادل وجهات النظر مع موظفي المصرف والإدارة العليا، وبهذا البيان المشترك نحن نهدف إلى التعبير عن مخاوفنا في ما يتعلق بتأثير تدخل المصرف في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الشاملة للشعب في الدول العربية. وعلاوة على ذلك، نؤكد على أن التنمية من جوانبها كلها صعبة التحقيق عندما تفتقر إلى نطاق شامل من النقاش حول كل القضايا ذات الصلة وبين جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة بما في ذلك الدولة، ومنظمات المجتمع المدني، والأكاديميين، والنقابات العمالية، ووسائل الإعلام، الخ.
1. اعتمدت الدول العربية لفترة طويلة "التحول الاقتصادي نحو اقتصاد مفتوح"، وهي تشكّل بالتالي حالة مختلفة عن دول أوروبا الشرقية حيث لدى المصرف خبرة كبيرة. ومهم أن نلاحظ أن هذه السياسات بما في ذلك تحرير التجارة والتمويل، والخصخصة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، أظهرت بالفعل أنها نقلت آثاراً غير مرغوب فيها في التنمية في المنطقة العربية لأنها أعاقت حيز السياسة العامة الذي يمكن استخدامه لتنفيذ مزيد من السياسات الاجتماعية والاقتصادية السليمة. ولذلك، فإن تركيز المصرف على الترويج لمزيد من التحرير وسحب دور الدولة من خلال اتخاذ دور فاعل في تعزيز بعض الإصلاحات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بقوانين المنافسة والإصلاح المؤسسي والتنمية، هو الشغل الشاغل بالنسبة إلينا نحن المجتمع المدني في المنطقة العربية. ونحن نعتبر أن هذه الإصلاحات تصمم إطار اقتصاد السوق المحررة أكثر، ما يقلل في نهاية المطاف حيز السياسة العامة المخصص لأغراض التنمية. وأخيراً وليس آخراً، لا بد من أن نؤكد أن الإصلاح التنظيمي يجب أن يتناول مجموعة متنوعة من أهداف السياسة العامة، بما في ذلك الأبعاد التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وكذلك ينبغي أن يكون مستمراً.
2. هناك حاجة إلى أن يركز المصرف على القطاعات، والتي هي ذات أولوية بالنسبة إلى البلد نفسه، وليس وفقاً لما يعتبره المصرف أولوية. فمقترحات المصرف للتدخل الأولي في كل بلد من البلدان العربية التي تحظى بالتركيز، وهي مصر وتونس والمغرب والأردن، تركز في المقام الأول على قطاع الطاقة، والبنية التحتية، والقطاع المالي، وإلى حد أقل على الزراعة من خلال معالجة سلسلة قيمة الأعمال الزراعية. ويتحمل المصرف مسؤولية اختيار المشاريع مع مساهمة واضحة ومضمونة لتوليد فرص العمل والتخفيف من حدة الفقر، فالعمالة والفقر لا يبدو أنهما من بين أولويات المصرف. ولاحظت وزارة التنمية الدولية البريطانية في "مراجعة المعونة المتعددة الأطراف" الخاصة بها أن "الرابط بين أثر برامج المصرف في التحول، وتأثيرها في حياة الناس ليست دائماً واضحة جداً".[1]
على صعيد آخر، ثمة حاجة إلى أن يعرض المصرف إجراءات واضحة في شأن كيفية تطبيق المعايير البيئية والاجتماعية للمشاريع الممولة منه في منطقة جنوبي البحر المتوسط وشرقيه. وعلاوة على ذلك، يُطلب إلى المصرف إجراء تقييم لمشاريعه في الدول العربية التي تحظى بالتركيز من منظور تطبيق "أعلى المعايير البيئية والاجتماعية" والذي يضمن أن يتحرك المصرف وفق المعايير الموضوعة من قبل الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الدولية العاملة في المنطقة، أو المعايير المستمدة من المعاهدات والاتفاقيات بما في ذلك كفاية التقييم البيئي والاجتماعي وجودته والمشاركة العامة والوصول إلى المعلومات البيئية الدولية. فالمشاركة الحالية للمصرف لا تساهم في تحول هذه البلدان من الطبيعة الريعية للدولة إلى طبيعة إنتاجية يترتب عليها نمواً منتظماً للتوليد الوظيفي وإنتاجيات معززة. وفقاً لذلك، ينبغي أن يعطي المصرف مزيداً من الأهمية إلى القطاعات الإنتاجية الرئيسية الثلاثة، خصوصاً الزراعة والصناعة والخدمات، والتي ترتبط بصلات لائقة بقدرات الإنتاج، وخلق فرص العمل في المدى الطويل، فضلا عن تعزيز مستوى المعيشة في المدى الطويل. مثلاً، يمكن أن يعود المصرف بمنافع جمة على الاقتصاد الوطني ويساهم إلى حد كبير في تنميته عندما يوجه أمواله إلى الصناعات التي يُتوقّع أن تكون ذات قيمة مضافة في المستقبل، خصوصاً في قطاع الصناعات التحويلية. وتحدَّد هذه الأنواع من الصناعات من خلال مشاورات وطنية شاملة مع جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة بما في ذلك المجتمع المدني.
3. على الرغم من النجاح المحدود للشراكات بين القطاعين العام والخاص في المنطقة، حدد المصرف مجموعة واسعة من القطاعات، يُتوقّع أن تغطيها نشاطاته بما في ذلك مواقف السيارات، ومحطات النقل، والمياه والنفايات الصلبة. ومع ذلك، تشعر منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه بقلق من أن سياسات المصرف الداعمة للمشاريع المشتركة بين القطاعين العام والخاص، خصوصاً في القطاعات التي تزود المواطنين بالاحتياجات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والنقل العام، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه الخدمات الأساسية بما يضر بعد ذلك بحياة المواطنين. لذلك نطلب وضع ما يكفي من الضمانات في حالة الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتجنب ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، وفي الشراكات بين القطاع الخاص، يتخلى القطاع الخاص أحياناً عن الشراكة، ويُنقل بالتالي العبء إلى القطاع العام، ما يترك بالتالي أثراً سلبياً في الموازنة العامة للدولة، حيث يمكن استخدام الأموال لأغراض التنمية. وأخيراً وليس آخراً، فإن نجاح شراكات كهذه وإن كانت محدودة، يغرق أحياناً كثيرة في الفساد، ما يحد من زيادة القدرات الإنتاجية. وبالتالي، وقبل الدخول في شراكات كهذه، نحن في حاجة إلى إطار قانوني تُحمى في ظله حقوق المجتمعات، وتحدَّد بوضوح مسؤوليات كل طرف في هذه الشراكة. وبالإضافة إلى ذلك، نؤكد على الدور الأساسي للدولة في تقديم الخدمات الجيدة بأسعار معقولة، وهي الخدمات المتعلقة بالتعليم والنقل العام والرعاية الصحية.
4. وفيما يمول المصرف مشاريع الأعمال الزراعية في المنطقة، يجب عليه التأكد من أن مشاريع كهذه مصممة لإفادة الاحتياجات التنموية الخاصة بكل بلد، وكذلك النظر في أثر المشاريع الزراعية في الأمن الغذائي، والفقر، والعمالة. فالمصرف يهدف إلى تعزيز سلسلة قيمة الأعمال الزراعية من خلال تمويل قطاع الأعمال الزراعية الخاصة. لكن على المصرف أن يدرك أن من خلال دعم شركات الأعمال الزراعية، يُشكّل مستقبل الأعمال الزراعية في هذه البلدان في هذا الاتجاه أو ذاك لأن المشاريع في هذا القطاع تخضع لهيمنة الشركات الكبرى. وهذا سيحمل صغار المزارعين على التوقف عن العمل، بما يؤدي إلى رفع نسبة البطالة وعدم المساواة والفقر. في هذا الصدد، وفي تدخلاته، ينبغي أن يحافظ المصرف على حقوق صغار المزارعين، وأن لا يسعى إلى تغيير الطريقة التي ينظَّم بها هذا القطاع والسياسات الزراعية لصالح الأعمال الزراعية كبيرة.
5. أكد المصرف، في تقريره الخاص "التحول المنخفض الكربون" الصادر بالتعاون مع معهد غرانثام للبحوث، أهمية مواكبة "ثورة صناعية خضراء" في المدى الطويل، وأن التحول نحو اقتصاد منخفض الكربون يتحرك في وئام مع التحول نحو اقتصاد السوق. وبالتالي، فإننا نحض المصرف على التصرف على هذا النحو في منطقة جنوبي البحر المتوسط وشرقيه عن طريق وقف التمويل للمشاريع التي لا تكون صديقة للبيئة/المناخ لأنها تؤثر سلباً في رفاه الناس في مناطق العمليات. ومن الأمثلة على مشاريع كهذه المشروع المحتمل لتوسع "شركة المصفاة المصرية" (إي آر سي) المقرر أن يقام في منطقة مسطرد بمحافظة القليوبية، وهي منطقة صناعية ملوثة للغاية ومكتظة بالسكان ويعاني سكانها تلوث الهواء والمياه. ويُتوقّع أن يرفع مشروع التوسع هذا مستوى التلوث علاوة على ما هو حاصل، على الرغم من دعوى تقييم الأثر الاجتماعي والبيئي بأن المعدات الحديثة المستخدمة في تنفيذ المشروع لن تسبب تلوثاً. وفي هذا الصدد نؤيد موقف المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي سلِّم إلى المصرف في 14 نيسان 2013 وسلط الضوء على مخاوف مماثلة.
6. وأخيراً وفي حين أن مساحة معينة لمشاركة منظمات المجتمع المدني موجودة على مستوى المصرف، ترى منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية أن المجتمعات المحلية، التي تتأثر سبل عيشها في شكل مباشر بالمشاريع الممولة من المصرف، لم يكن لديها أي نوع من النفوذ على تنفيذ مشاريع كهذه، وكذلك لم يكن لديها أي مساحة للمشاركة في عمليات صنع السياسات. في هذا الصدد، نطلب من المصرف إظهار مزيد من الالتزام بالسماح بمشاركة المجتمع المدني والمجتمع المحلي في عمليات صنع السياسات، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بمشاريع التمويل التي تؤثر مباشرة في معيشتها. ووفقاً لذلك، يمكن لإشراك منظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية مع المصرف أن يتعزز من خلال مشاورات بين الطرفين. وعلى نطاق المشاورات أن يشمل:
أ. المراحل المختلفة من العمليات بما في ذلك المراحل الثلاث لتدخل المصرف وعملياته في الدول العربية، بما في ذلك التعاون التقني، واستخدام الصناديق الخاصة، والعمليات العادية،
ب. التقييمات التقنية (أو نوع آخر مماثل من الوثائق)،
ج. أوراق الاستراتيجيات القطرية،
د. مشاورات على المستوى القطاعي،
ه. الأموال والمشاريع العملية الخاصة،
و. منهجية تقييم المشروع،
ز. يجب أن تلعب المكاتب الإقليمية في مصر والمغرب الأردن دوراً مهماً في تسهيل المشاورات مع منظمات المجتمع المدني في المنطقة،
ح. مجموعة استشارية محتملة للمجتمع المدني في وحدة المجتمع المدني للمصرف. يمكن اختيار هذه المجموعة في الاجتماعات السنوية، ويمكن أن تتغير على أساس التناوب، ويمكن أن تشمل ثلاث إلى خمس منظمات، وسيتمثل دورها الأساسي في تقديم المشورة في شأن التواصل مع الجماعات على الصعيدين الوطني والإقليمي، ودعم عملية تنظيم مشاورات من أنواع مختلفة.
7. وأخيراً، نؤكد أهمية أن لا يتجاهل انخراط المصرف في المنطقة العربية عدم التطابق بين المجالات الكثيرة لتحرير السياسات ومستويات التنمية في هذه البلدان، ونطلب بالتالي من المصرف تعزيز قدرته على الاقتراح والتطوير للتدخلات التي تترسخ في شكل أفضل في أهداف التنمية على المستوى الوطني.
التوقيعات
شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية – لبنان (www.annd.org)
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية – مصر (www.eipr.org)
المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية – مصر (www.ecesr.org)
جمعية محامون للدفاع عن حقوق الإنسان – الأردن
مركز فينيكس للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية – الأردن (www.phenixcenter.net)
الفضلء الجمعوي – المغرب (www.espace-associatif.ma/)
تقديم:
شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية *
* شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية (ANND) شبكة إقليمية تعمل في 11 دولة عربية مع سبع شبكات وطنية و23 منظمات غير حكومية أعضاء. ويركز عمل شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية على السياسات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية. تأسست في 1997 ولديها مكتب أمانتها في بيروت منذ 2000.
تفاصيل الاتصال:
شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية
هاتف: 009611319366
فاكس: 009611815636
صندوق البريد: 14/5792 المزرعة 1105 2070
بيروت – لبنان
الموقع: www.annd.org
البريد الإلكتروني: hassan.sherry@annd.org وzahra.bazzi@annd.org
[1] DFID: Multilateral Aid Review summary – European Bank for Reconstruction and Development (EBRD), March 2011. Available at: http://old.dfid.gov.uk/What-we-do/Who-we-work-with/Multilateral-agencies/Multilateral-Aid-Review-summary---European-Development-Fund-EDF/