أحكام باتة بالإعدام لستة في قضية حارس المنصورة بعد محاكمة افتقرت لمعايير المحاكمة العادلة، والمبادرة المصرية: الاحترام الصارم للقانون ولمعايير حقوق الإنسان هو أول خطوات مواجهة العنف
بيان صحفي
تعرب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن قلقها البالغ من تنفيذ حكم الإعدام في ستة أشخاص بعد أن أيدت محكمة النقض الحكم في 7 يونيو 2017 الجاري في القضية رقم 16850 لسنة 2014 المعروفة إعلاميًا بقضية حارس المنصورة. وبحسب أسر المتهمين، فقد تعرض ذووهم لعديد من انتهاكات حقوق الإنسان في أثناء المحاكمة، شملت الاختفاء القسري، والتعذيب، وغياب المحاكمة العادلة.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها أحكام بالإعدام بعد محاكمة تفتقد العناصر الأساسية للمحاكمة العادلة، وهي الحالة نفسها التي تحدث عند محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، وكذلك غياب التحقيق في الاختفاءات القسرية، والتعذيب والادعاءات بوجود اعترافات تحت التهديد.
كان عبد الله متولي الحارس الشخصي لأحد قضاة قضية الاتحادية والمتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي قد قتل في28 فبراير 2014 في المنصورة. وقد اتهم بقتله أربعة وعشرون شخصًا، وذلك إلى جانب اتهامات أخرى شملت التأسيس والانضمام إلى جماعة شكلت على خلاف أحكام القانون، وإمدادها بالمال والسلاح. وقد صدر حكم الإعدام على تسعة منهم أمام محكمة جنايات المنصورة في 7 سبتمبر 2015، منهم حكمًا غيابيًّا. وقد تم الطعن على الحكم أمام محكمة النقض التي أيدت حكم الإعدام في حق ستة متهمين في 7 يونيو 2017.
تضمنت هذه القضية عديدًا من انتهاكات حقوق الإنسان، تم توثيقها من خلال أسر المتهمين وأوراق القضية التي استطاعت المبادرة المصرية الحصول عليها. شملت تلك الانتهاكات التعذيب والاعتراف تحت التهديد والاختفاءات القسرية. وحصلت المبادرة المصرية على نسخ من بعض الشكاوى الرسمية والبرقيات التي قدمها المتهمون وذووهم أمام النيابة العامة والمحامي العام الأول بالدقهلية، والتي أفادت بتعرض المتهمين للاختفاء القسري، بداية من أوائل مارس 2014 وحتى صدور أمر الضبط والإحضار من النيابة العام في يونيو من العام نفسه.
وتعرض جميع المتهمين الستة المحكوم عليهم بالإعدام للتعذيب لمدد تصل إلى تسعة أسابيع. وقد أنكر المتهمون الاعترافات التي جاءت تحت التعذيب، وأكدوا أنها جعلتهم يوافقون على حفظ وترديد روايات الشرطة التي تؤكد التهم ضدهم. فضلًا عن ذلك، لم يكن محامو المتهمين حاضرين في تلك التحقيقات، مثلما ورد في مذكرات الدفاع.
وتثير إجراءات تلك المحاكمة شكوكًا جادة حول الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة، وذلك في تعارض واضح مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن الحق في محاكمة عادلة أمام "محكمة مستقلة ومحايدة"، حيث لم يكن تجري النيابة أي تحقيق فيما زعمه المتهمون من تعرضهم للتعذيب ولم تهدر حجية الاعترافات التي أنكروها، وهو ما يمثل انتهاكًا للتشريعات المصرية. فالمادة 52 من الدستور المصري تنص على أن " التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم"، وكذلك المادة 55 تؤكد أن كل من يقبض عليه أو يحبس: "... لا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه. ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلى في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا". ومن ثم، فإن إلحاق التعذيب هو "جريمة يُعاقَب مرتكبوها وفقًا للقانون. وللمتهم حق الصمت. وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه."
ووفقًا للمادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية، لرئيس الجمهورية سلطة تخفيض حكم الإعدام، وهو ما يُخوِّل الرئيس إصدار مرسوم رئاسي بالتخفيف في غضون أربعة عشر يومًا. وقد خفف الرئيس بالفعل حكم الإعدام الصادر ضد محمد حسين، في 22 يناير 2017. فبعد صدور الحكم على المتهم لقتله طفلًا، أصدر رئيس الجمهورية مرسومًا رقم 50 لسنة 2017، خفف بمقتضاه الحكم على المتهم إلى السجن مدى الحياة. ويتبقى اليوم خمسة أيام، هي المدى الذي يمكن أن يمارس فيها الرئيس هذا الحق في قضية المنصورة.
إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لَتُعيد التأكيد على أن الاستخدام المتزايد لأحكام الإعدام من الدولة عقابًا في قضايا العنف والقضايا ذات الطابع السياسي، وبعد محاكمات تفتقد معايير المحاكمة العادلة، هو شيء أبعد عمَّا يُظَنُّ أنه مواجهة فعالة للعنف وتؤكد المبادرة المصرية مرة أخرى أن الاحترام الصارم للقانون ولمعايير حقوق الإنسان ذات الصلة هو أولى خطوات الناجحة لتلك المواجهة.