عام على واقعة التلويح بعلم قوس قزح… وخمسة أعوام على أطول هجمة أمنية على أصحاب الميول الجنسية المختلفة
بيان صحفي
المبادرة المصرية: تطالب بالإيقاف الفوري لهذه الحملة وتشدد على ضرورة احترام حقوق المتهمين بضمانات الدستور والقانون في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية استمرار الحملة الأمنية على الأشخاص المشتبه في اختلاف ميولهم الجنسية عن المقبول اجتماعيًا، خاصة الرجال المثليين أو النساء العابرات جندريًّا (الترانس)، أو من يُعتقد بأنهم كذلك، وكررت توصياتها بضرورة إقلاع الشرطة عن ممارسة الإيقاع بهؤلاء الأشخاص عن طريق تطبيقات المواعدة الإلكترونية وشددت على ضرورة التزام كافة مؤسسات العدالة ونقابة الأطباء والمنصات الإعلامية بالضمانات الدستورية والقانونية للمقبوض عليهم خلال مراحل التحقيق المختلفة.
يأتي ذلك بمناسبة مرور عام على بدء الهجمة الأمنية اللاحقة لرفع أشخاص علم قوس قزح (الرينبو)، الذي يرمز إلى تعددية الميول الجنسية والهويات الچندرية، في حفل غنائي لفريق مشروع ليلي في أحد المراكز التجارية بالتجمع الخامس بالقاهرة في 22 سبتمبر 2017. وفي الأيام التالية لواقعة رفع العلم، بدأت حملة تحريض ممنهجة من منصات إعلامية وشخصيات عامة على الأشخاص الذين لوَّحوا بالعلم أثناء الحفل، تبعها تصاعد غير مسبوق في الهجمة الأمنية، التي تستهدف مواطنين مثليين و نساء عابرات چندريًّا (ترانس) أو من يُعتقد أنهم كذلك. بلغ عدد المقبوض عليهم في الشهر اللاحق للحفل 75 شخصًا على الأقل، واجه أغلبهم تهمة "اعتياد ممارسة الفجور" المُجرَّمة وفقًا للمادة التاسعة من قانون رقم 10 لعام 1961 لمكافحة الدعارة، مع تهم أخرى في حالات كثيرة، باستثناء سارة حجازي وأحمد علاء اللذين واجها تهمة الانضمام إلى جماعة مشكلة على خلاف أحكام القانون تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون والتحريض على الفسق.
وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد أصدرت في نوفمبر 2017 تقرير "المصيدة: عقاب الاختلاف الجنسي في مصر" الذي يرصد أشكال الترصد الأمني لكل من يُشتبه في اختلاف ميوله/هـا الجنسية في مصر، خاصة الرجال المثليين والنساء العابرات چندريًّا (الترانس) أو من يُعتقد أنهم كذلك. يضع التقرير الهجمة الأمنية اللاحقة لرفع علم قوس قزح في سبتمبر 2017 ضمن إطار أوسع من الاستهداف والملاحقة القصدية من الشرطة على مدار أربع سنوات بداية من الربع الأخير لعام 2013. فيرصد نهجًا واضحًا للشرطة في استهداف مواطنين على أساس مجرد الشك في هويتهم أو ميولهم الجنسية وملاحقتهم عبر تتبع حياتهم الخاصة والقبض عليهم وإحالتهم إلى المحاكمة على هذا الأساس. ويقارن التقرير بين الهجمة الحالية وما سبقها من قضايا "اعتياد ممارسة الفجور" منذ عام 2000 وحتى نوڤمبر 2017، ليُظهر تصاعدًا واضحًا في قضايا "اعتياد الفجور" منذ الربع الأخير لـ2013، ففي الأربعة أعوام ما بين الربع الأخير من 2013، وأواخر عام 2017 بلغ متوسط عدد المقبوض عليهم والمحالين إلى المحاكمة في قضايا "اعتياد الفجور" سنويًّا خمسة أضعاف عددهم في الثلاثة عشر عامًا ما بين عام 2000 و 2013.
وتتميز الحملة الحالية تبعًا للتقرير بأربع صفات أساسية:
- استخدام حسابات وهمية على تطبيقات مواعدة المثليين وثنائيي الميول الجنسية والترانس للإيقاع بالأفراد واستخدام المحادثات بين مندوب الشرطة والشخص كدليل ضد الأخير رغم عدم وقوع الجريمة، هذا لو سلمنا بأن الجنس بين الرجال البالغين جريمة.
- استخدام ما لا يمكن اعتباره دليل اتهام _كالواقي الذكري_ كدليل ضد المتهمين.
- الاستمرار في إجراء الكشوف الشرجية على المتهمين بغرض الإذلال، على الرغم من عدم وجود أية أدلة علمية على قدرة هذه الممارسة على إثبات وقوع الممارسة الجنسية أو نفيها.
- مصاحبة القضايا الكبرى بهجمة فضائحية أخلاقية تشارك فيها بعض وسائل الإعلام .
يستعرض تقرير "المصيدة" كذلك أشكال انتهاكات مجموعة من الحقوق الدستورية بحق أصحاب الميول أو الممارسات الجنسية غير المقبولة اجتماعيًّا أو من يُعتقد بهم ذلك منذ القبض عليهم ورحلتهم في النيابة العامة والطب الشرعي ثم المحاكم الابتدائية انتهاءً بمحاكم الاستئناف، وذلك عبر التحليل القانوني لـ25 قضية بالإضافة إلى عدد من الشهادات جمعها باحثو المبادرة .
وبعد الشهر اللاحق لواقعة رفع علم قوس قزح وتزايد أعداد القضايا وأعداد المقبوض عليهم، استمر نهج الاصطياد السابق حتى الآن، واستطعنا رصد 16 قضية جديدة على الأقل يواجه فيها 41 شخصًا تهمة "اعتياد ممارسة الفجور". توزعت تلك القضايا بين محافظات القاهرة والإسكندرية والبحر الأحمر.
وبينما شهدت الأعوام الماضية منذ عام 2014 تصاعدًا في عدد قضايا "اعتياد ممارسة الفجور" وشططًا في استخدام مواد القانون رقم 10 لعام 1961 لمكافحة الدعارة في الأحكام الابتدائية، شهدت 2017 أيضًا سابقة في استخدام المادة 86 مكرر من قانون العقوبات باتهام شخصين بـ"الانضمام إلى جماعة مشكلة على خلاف أحكام القانون تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقانون" بدون توضيح لما هي الجماعة وما هي أحكام الدستور والقانون التي تسعى إلى تعطيلها، في سابقة هي الأولى من نوعها في مثل تلك القضايا. ونجد صدى هذا الاتهام في الإعلام في وصف مستخدمي بعض تطبيقات المواعدة بين المثليين بصفتهم "مشاركين في تنظيمات" بشكل متكرر في الشهور القليلة الماضية.
وتشدد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بعد مرور عام على الهجمة الأمنية اللاحقة لرفع علم قوس قزح في حفلٍ مشروعٍ ليلي، وحوالي خمسة أعوام على تصاعد الاستهداف الممنهج للمثليين والنساء العابرات چندريًّا (ترانس) أو كل من يُشك فيه، أن هذا المنهج في التعامل مع علاقات رضائية بين بالغين يعد انتهاكًا صريحًا لجملة من الحقوق الأساسية المنصوص عليها دستوريًّا أو في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة، وعلى رأسها الحق في عدم التمييز والحق في حرمة الحياة الخاصة والحق في المحاكمة العادلة والحق في الحماية من التعذيب وكافة الممارسات الحاطة بالكرامة.
وتكرر المبادرة توصياتها :
- ضرورة أن تكف الشرطة عن الإيقاع بالأفراد عبر استخدام تطبيقات المواعدة.
- الحفاظ على خصوصية المتهمين بدلًا من المشاركة في استباحة حياتهم الشخصية بغرض خلق حالة من الذعر الأخلاقي.
- التوقف عن استخدام الواقي الذكري كدليل قانوني ضد المقبوض عليهم.
- توقف النيابة عن استخدام الكشوف الشرجية الإجبارية.
- قيام نقابة الأطباء بإضافة مادة إلى لائحة آداب المهنة، تحظر على أعضائها إجراء الكشوف الشرجية الإجبارية.
- إتاحة الوقت اللازم للمحامين الحاضرين عن المتهمين لدراسة محاضر الضبط والتحريات قبل الإحالة إلى المحاكمة.
روابط ذات صلة:
"المصيدة" عقاب الاختلاف الجنسي في مصر ( تحميل ملف بصيغة PDF)