تلوث الهواء عبء صحي للمصريين يزيد من مخاطر فيروس كورونا المستجد
بيان صحفي
يشكل فيروس كورونا تهديدا أكبر لسكان المناطق التي تعاني من تلوث الهواء، فهذا التلوث الذي يتسبب في وقوع نحو 7 مليون وفاة مبكرة سنويا، يؤدي إلى الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الحادة والمزمنة وأمراض السكري والقلب وارتفاع ضغط الدم وغيرها، وهي نفس الأمراض التي يكون أصحابها الأكثر عرضة للخطر والوفاة عند الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
وأوضح التقرير الصادر في فبراير 2020 عن البعثة المشتركة لمنظمة الصحة العالمية والصين، حول وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)، أن أصحاب هذه الطائفة من الأمراض كانوا ضمن الأكثر عرضة للخطر، وأن معدلات الوفاة مقارنة بعدد الحالات (case fatality ratio) بينهم كانت أعلى منها بين سواهم، فقد بلغت هذه المعدلات 13.2 ٪ لمرضى القلب والأوعية الدموية، 9.2 ٪ لمرض السكري، 8.4 ٪ لمرضى ارتفاع ضغط الدم، 8.0 ٪ لمرضى الجهاز التنفسي، 7.6 ٪ لمرضى السرطان.
وتوضح دراسة أجريت في الصين عام 2003 حول العلاقة بين تلوث الهواء ومعدلات الوفاة من فيروس سارس، وهو من نفس عائلة فيروس كورونا، أن معدلات الوفاة تزيد مع ارتفاع مؤشر تلوث الهواء، وأن معدل الوفاة في المناطق شديدة التلوث بلغ ضعف معدل المناطق قليلة التلوث.
كما تشير بعض الدراسات إلى العلاقة بين تلوث الهواء الجوي والعدوى بالفيروسات، حيث يتسبب تلوث الهواء في زيادة تركيز الجسيمات الدقيقة (PM) العالقة بالهواء والتي تعمل كحامل أو ناقل للملوثات الكيميائية والبيولوجية بما فيها الفيروسات، كما في حالة زيادة الإصابة بالأنفلونزا الموسمية في الصين بنسبة 10.7٪ مع زيادة التعرض للجسيمات الدقيقة (PM 2.5).
وكان فيروس كورونا المستجد قد سجل أول ظهور له في الصين في نهاية ديسمبر 2019، وتحول إلى جائحة عالمية منذ مارس الماضي، حيث تخطت الإصابات المليون شخص في أكثر من 200 منطقة ودولة من بينها مصر. ورغم أن إجراءات الحظر والغلق التي استهدفت احتواء سرعة الانتشار قد أدت إلى تراجع مؤشرات التلوث في مصر وفي العالم بشكل كبير، نتيجة تراجع مستويات انبعاثات المصانع والمركبات في المدن تحديدا، إلا أننا نخشى أننا سنجني آثار تراكم الملوثات في الهواء لسنوات طويلة وما نتج عنه من زيادة أعداد المصابين بأمراض مزمنة.
تسبب تلوث الهواء في وفاة 67434 شخص خلال عام 2016 في مصر، كما ترتب عليه تقليص عامين تقريبًا من عمر كل فرد بسبب الاعتلال أو الإعاقة الصحية. وقُدِّرت تكلفة عبء تلوث الهواء بحوالي 3.58% من إجمالي الناتج المحلى السنوي في عام 2013، وفقًا لتقرير أصدره البنك الدولي.
تصدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم ورقة بعنوان "تلوث الهواء. عبء صحي متزايد على المصريين" وهو الإصدار الثاني من سلسلة إصدارات عن تلوث الهواء تطلقها المبادرة تستعرض مؤشرات تلوث الهواء والعبء الصحي الناتج عنه، وتتبع سياسات الحكومة الرامية لتحسين جودة الهواء، وإجراءات حماية المواطنين للحد من آثاره.
يركز هذا الإصدار على الجسيمات الدقيقة (PM 2.5) باعتبارها الأكثر ارتباطا بدراسات تقييم الأثر الصحي الناجم عن تلوث الهواء، وقد اعتمدت الورقة على النشرات البيئية في مصر وقواعد بيانات الجهات الدولية المعنية بملف تلوث الهواء مثل منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي. وتعرض الدراسة المعلومات المتاحة عن متوسط تركيز هذه الجسيمات في الهواء الجوي (الهواء خارج المنزل)، ومخاطر التعرض إليها والآثار الصحية الناتجة عنها في مصر، كما تتناول التشريعات البيئية المرتبطة بمعايير مستويات التلوث وإجراءات الحماية بالإضافة إلى تحديد الجهات المسؤولة عن إتاحة البيانات ومستوى دقتها.
وأوردت الدراسة عددا من التوصيات التي تهدف إلى تحسين نوعية الهواء عن طريق تفعيل قوانين حماية البيئة واللوائح التنفيذية البيئية لتكون أكثر إحكامًا، وتقليل التلوث بالإسراع إلى التحول نحو توليد الكهرباء من الطاقات المتجددة ودعمها. وتحسين جودة الرصد البيئي وكفاءة إجراءات التدخل من أجل حماية البيئة وصحة الأفراد من خلال تحديث وإتاحة ونشر المعلومات المتعلقة برصد تلوث الهواء، وتسهيل متابعتها للجمهور والمعنيين بالبيئة، وتوفير منصة إلكترونية كمرصد بيئي على مدار الساعة واليوم.