حصاد الأرواح مستمراً: منظمات تدين تنفيذ حكم الإعدام ضد الراهب أشعياء المقاري وتجاهل مطالب العفو عنه والتحقيق في تعذيبه لحمله على الإعتراف
بيان صحفي
تعرب حملة أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر والمنظمات الموقعة على البيان عن بالغ استنكارها ورفضها لتنفيذ حكم الإعدام بحق المواطن وائل سعد تاوضروس واسمه الكنسي الأب أشعياء المقاري حيث قام قطاع مصلحة السجون بوزارة الداخلية صباح اليوم بتنفيذ عقوبة الإعدام على وائل سعد بعد تأييد العقوبة من قبل الدائرة الجنائية بمحكمة النقض يوم الأربعاء 1 يوليو 2020. فقد اتهمت النيابة العامة الأب أشعياء المقاري بقتل الأنبا إبيفانيوس أسقف و رئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون بعد العثور على جثة الاخير أمام قلايته بالدير وهو في طريقه لحضور قداس الأحد صباح يوم 29 يوليو 2018.
وبعد عدم تمكين المحامين من الحضور في جلسات التحقيق أو جلسات نظر أمر الحبس تم إحالة الراهب للمحاكمة الجنائية وإبان جلسات المحاكمة عدل الأب أشعياء المقاري عن اعترافه بارتكاب الواقعة أمام الدائرة الثانية بمحكمة جنايات دمنهور وأكد لهيئة المحكمة أن اعترافه كان وليد إكراه مادياً ومعنوياً عن طريق تعذيبه وصعقه بالكهرباء وتهديده لحمله على الاعتراف وإجباره على تمثيل الواقعة عن طريق مأمور الضبط القضائي وهو نفسه أحد شهود الإثبات في القضية والقائم أيضاً بإجراء التحريات الأمنية حول ملابسات وظروف الواقعة، إلا أن هيئة المحكمة طرحت تلك المطالب جانباً وبتاريخ 24 ابريل 2019 أصدرت محكمة الجنايات حكمها بمعاقبة كل من الأب آشعيا المقاري والأب فلتاؤس المقاري بالإعدام شنقاً لما أسند إليهما من اتهامات. إلا أن الدائرة الجنائية بالنقض تصدت لموضوع الدعوى من أول مرة وقررت تخفيف العقوبة بحق الأب فلتاؤس المقاري للسجن المؤبد وتأييد العقوبة بحق الراهب أشعياء المقاري.
يأتي قيام قطاع مصلحة السجون بتنفيذ حكم الإعدام على المواطن وائل سعد اليوم استمراراً لنهج منطومة العدالة الجنائية في مصر في التوسع والإفراط باستخدام العقوبة، حيث نفذت وزارة الداخلية حكم الإعدام بحق سبعة عشر مواطناً من المتهمين الصادر بحقهم أحكام إعدام باتة في القضية المعروفة اعلامياً باقتحام قسم شرطة كرداسة وذلك بواقع إعدام تسعة مواطنين يوم 26 إبريل 2021 وإعدام ثمان آخرين يوم 28 إبريل 2021، فهذا التوسع المفرط لتنفيذ هذه العقوبة يظهر عدم إحترام الحكومة المصرية للحق في الحياه وهو الحق الإصيل لكل إنسان.
لم يتم إخبار أهالي وفريق دفاع الراهب أشعياء بموعد تنفيذ الحكم وهو ما يعد استمراراً أو بات عرفاً متبعاً من قبل وزارة الداخلية بقيامهم بتنفيذ أحكام الإعدامات بدون إعلام ذوي المدانين بميعاد التنفيذ وعدم السماح لهم بمقابلتهم قبل التنفيذ طبقاً للمادة 472 من قانون الإجراءات الجنائية والتي نصت على أن أقارب المحكوم عليه بالإعدام لهم الحق في أن يقابلوه في اليوم الذي يعين لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيداً عن محل التنفيذ، وإذا كانت ديانة المحكوم عليه تفرض عليه الاعتراف أو غيره من الفروض الدينية قبل الموت، وجب إجراء التسهيلات اللازمة لتمكين أحد رجال الدين من مقابلته، كما أن إلزامية حضور المحاميين نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 474 من القانون ذاته على إلزامية أعطاء الأذن للمدافع عن المحكوم بحضور التنفيذ.
إلا أن قانون العقوبات المصري لا يرتب ثمة جزاء أو عقوبة على مخالفة النصوص القانونية الخاصة بتنفيذ عقوبة الإعدام وهو الفراغ التشريعي الذي يساعد جهات التنفيذ على عدم الامتثال للقواعد القانونية ولمبدأ سيادة القانون الذي أكد عليه الدستور المصري، فعدم إخبار أهلية المحكوم عليهم بموعد تنفيذ حكم الإعدام فهو أمر ينال من كرامية وآدمية المنفذ عليهم تلك العقوبة ومن جهة أخرى يحدث أضراراً نفسية جسمية بحق عائلات المنفذ عليهم أحكام الإعدام.
وكان الأب أشعياء قد تعرض للعديد من الانتهاكات منذ التحفظ عليه حتى تنفيذ الحكم، ومن ضمن هذه الانتهاكات، التعرض البدني والمعنوي داخل الدير حيث خضع للاستجواب من قبل ضباط الأمن لمدة 48 ساعة متواصلة حيث لم يُسمح له بدخول الحمام طوال تلك المدة، الاختفاء القسري، حيث تم القبض عليه في 5 أغسطس 2018 إلا أن أوراق القضية قد أوضحت أنه قد أُطلق سراحه في 6 أغسطس، ثم ذكرت الأوراق أنه أُلقي القبض عليه من نقطة تفتيش بالبحيرة في 10 أغسطس نفاذاَ لإذن الضبط والإحضار الصادر من النيابة بحقه ، لكن حقيقة الأمر أن الأب آشعيا كان محتجزاً بشكل غير قانوني طوال تلك المدة. كما تم احتجاز الأب أشعياء لمدة شهر في مقر إحتجاز غير قانوني وهو مقر جهاز الأمن الوطني في النوبارية وتم منعه من التواصل مع ذويه ومحامية بالمخالفة للقانون.
ومن أهم الإنتهاكات التي تعرض لها هو التعذب خلال الشهر الأول من إحتجازه لإنتزاع إعتراف منه بإرتكاب الجريمة، وبالرغم من تقدم المحامي بمذكرة لنيابة العامة لطلب التحقيق في وقائع التعذيب، إلا أنه لم يتم النظر في هذه المذكرة والبت فيها. وإنتهت هذه الانتهاكات بمنع الأب إشعياء وذويه من أخر زيارة قبل تنفيذ الحكم كما هو منصوص عليه في القانون المصري. كان محامي الأب أشعياء قد تقدم بالتماس إعادة نظر إلى النائب العام في مارس 2021 استند فيه إلى تباين بين ما وصل إليه تقرير الطب الشرعي، بخصوص جروح الضحية واداه القتل المنسوب استخدامه لها، مع الجروح القطعية التي وجدت على جسد الضحية.
في خلال الأعوام الماضية دعت الكثير من الدول والهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية إلى وقف تنفيذ العمل بعقوبة الإعدام كرادع جنائي واستبداله بعقوبات مثل السجن مدى الحياة أو العمل من أجل الخدمة العامة وغيرها من البدائل وهو الأمر الذي أكدت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها السنوي المعتمد والصادر في يناير من عام 2018 والذي دعا إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام في جميع أنحاء العالم، وقد حظي هذا القرار بدعم 121 دولة.
لذا تدعو حملة أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر والمنظمات الموقعة أدناه الحكومة المصرية إلى الوقف الفوري عن تنفيذ عقوبة الإعدام والإلتزام بقانون الإجراءات الجنائية المصري بإبلاغ أهالي المحكوم عليهم بالإعدام بميعاد التنفيذ والسماح لهم بزيارة المحكوم عليه وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون المصري. كما على الحكومة المصرية الإلتزام بمعايير الشفافية وإتاحة المعلومات حول تنفيذ عقوبة الإعدام نظراً لما ينتج عن التعتيم من قبل وزارة الداخلية وعدم إعلان إسماء المنفذ عليهم العقوبة من تعذيب للإهالي لعدم تأكدهم من صحة المعلومات المنشورة إعلامياً.
الموقعون:
- حملة أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مركز النديم
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- كومتي فور جستس
- المركز الإقليمي للحقوق والحريات
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- مبادرة حرية