"باسم الشعب": المبادرة المصرية تصدر تقريرها السنوي عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠
بيان صحفي
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الخميس ٢٨ أكتوبر تقريرها السنوي حول عقوبة الإعدام في عامي ٢٠١٩ و٢٠٢٠ في مطبوعتين منفصلتين. تهدف هذه السلسلة من التقارير إلى تسليط الضوء على الأحكام الصادرة بعقوبة الإعدام، وتوفير مرجع للمعلومات الأولية بخصوص هذه العقوبة في مصر في ظل الندرة النسبية لهذه المعلومات أو عدم إمكانية التحقق منها في بعض الأحيان. وذلك للعمل على تعليق عقوبة الإعدام في مصر في ظل تردي أوضاع مؤسسات العدالة الجنائية الحالية وغياب الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، وإلى حين إجراء حوار مجتمعي واسع حول استخدام عقوبة الإعدام في القانون الجنائي. كما ترصد هذه التقارير أنماط انتهاكات حقوق الإنسان في بعض القضايا التي صدرت بها أحكام بالإعدام خلال العام الذي يتناوله التقرير لتسليط المزيد من الضوء على الانتهاكات المصاحبة للعقوبة، التي تعد انتهاكًا للحق في الحياة. وبذلك، تُوثق هذه التقارير حالة عقوبة الإعدام على مدار الأعوام في مصر، لافتة النظر إلى المسؤولية المجتمعية المشتركة في صدور أحكام بإعدام أشخاص باسمنا جميعًا: "باسم الشعب".
ينقسم تقرير ٢٠١٩ إلى فصلين، الأول عن بعض الأحكام الصادرة بعقوبة الإعدام خلال العام وفقًا لما تمكن فريق التقرير من رصده. وشمل ذلك أحكامًا صدرت عن محكمة الجنايات في أولى درجات التقاضي وأخرى صادرة عن محكمة النقض، كما شمل أحكامًا صادرة عن محاكم مدنية وأخرى صادرة عن محاكم عسكرية، وفقًا للتسلسل الزمني لصدور الحكم. يتناول الفصل الأول أيضًا تفاصيل بعض هذه القضايا، ومنها قضيتان قامت محكمة النقض بتأييد الأحكام الصادرة فيهما وثلاث قضايا قامت محكمة الطعون العسكرية العليا بتأييد أحكام الإعدام الصادرة فيها ضد مدنيين، وقضية واحدة صدر فيها حكم بالإعدام (قابل للطعن)من محكمة جنايات مدنية، بالإضافة إلى ٤ قضايا منهم قضية عسكرية تم تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة فيها. أما الفصل الثاني فقد رصد أنماط الانتهاكات التي تَعرَّض لها بعض المتهمين المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام حضوريًّا أثناء سير القضايا. حيث تعرض 33 متهمًا على الأقل في ٩ قضايا للإخفاء القسري، بينما باشرت النيابة التحقيق مع ٤٦ متهمًا على الأقل بالرغم من غياب محاميهم أثناء فترات التحقيق، وتراجع ٣٠ متهمًا حُكِم عليهم بالإعدام على الأقل عن اعترافاتهم السابقة لكونها نتيجة تعذيب، كما طلب ٤٤ منهم على الأقل العرض على الطب الشرعي ولكن قوبل الطلب بالتجاهل أو المماطلة. وإضافة إلى هذا، فقد قامت وزارة الداخلية بتصوير ونشر مقاطع فيديو تُظهِر ٥ متهمين على الأقل في قضيتين محل الدراسة وهم يدلون باعترافات، أثناء فترات التحقيق معهم. وتم توثيق شكاوى ١٩ متهمًا - على الأقل - من سوء الأوضاع في السجون، ومن الاعتماد على تحريات مجهولة المصدر في إثبات الإدانة على المتهمين في ٣ قضايا على الأقل.
أما التقرير الثاني فهو يقدم عرضًا لحالة عقوبة الإعدام في مصر خلال العام ٢٠٢٠ من خلال رصد أحكام الإعدام الصادرة وتحليل بعض أوراق القضايا. يعرض الفصل الأول أحكام الإعدام الصادرة والمُنفذة في خلال العام الذي شهد زيادة مهولة في تنفيذ أحكام الإعدام، حيث شهد عام ٢٠٢٠ فقط تنفيذ إعدام ١٣٦ شخصًا مما يعد سابقة جديدة في تاريخ مؤسسات العدالة الجنائية المصرية، ومما جعل مصر تتصدر المرتبة الثالثة عالميًا في توقيع حُكم الإعدام بحسب تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية يرصد أحكام الإعدام الصادرة حول العالم. بقدم الفصل الأول من تقرير ٢٠٢٠ أيضًا مقارنة إحصائية عن استخدام العقوبة في كافة درجات التقاضي منذ العام ٢٠١٧ وحتى عام ٢٠٢٠. كذلك يقدم الفصل الثاني قراءة تحليلية في أوراق قضيتين جنائيتين: الأولى هي قضية "قتل النقيب أحمد أبو دومة" والتي تم فيها إعدام ٧ أشخاص في ٢٨ يوليو ٢٠٢٠، والقضية الثانية هي "مقتل الأنبا أبيفانيوس" والتي نفذت فيها مصلحة السجون إعدام الراهب أشعياء في ٩ مايو ٢٠٢١، بعد أن أيدت محكمة النقض فيها حُكم الإعدام على متهم وخففت الحكم على المتهم الثاني (الراهب فلتاؤوس) من الإعدام إلى المؤبد بتاريخ ١ يوليو ٢٠٢٠. يعرض الفصل نمط الانتهاكات المرصودة في القضيتين من حرمان ٨ متهمين من التواصل مع ذويهم أو المحامين أثناء مباشرة التحقيقات مما يعد إنتهاكًا صارخًا في حق الدفاع، تجاهل ادعاء ٨ متهمين بالتعرض للتعذيب وتجاهل العرض على الطب الشرعي - و في حالة أخرى تجاهل المحكمة لتقرير الطب الشرعي الذي أثبت تعرض المتهمين السبعة في القضية الأولى إلى التعذيب، بالإضافة إلى تصوير اعترافات المتهمين في القضية الأولى بعد الواقعة بيومين على الأقل وبثها في برنامج تلفزيوني شهير.
ويختتم التقريران بتوصيات المبادرة المصرية إلى الحكومة المصرية والجهات المعنية من أجل إعادة النظر في العقوبة وكيفية استخدامها وكيفية وقف أو تعطيل الانتهاكات المصاحبة للقضايا التي يحكم فيها بالإعدام، وبشكل عام من أجل وقف هذا التصاعد المتسارع في توقيع عقوبة الإعدام، ومن ضمنها:
١- تعليق العمل فورًا بعقوبة الإعدام، ولو بصورة مؤقتة إلى حين فتح نقاش مجتمعي موسع حول إلغاء العقوبة بشكل كامل
٢- إعادة النظر في قوانين العقوبات والإرهاب والمخدرات والأحكام العسكرية لتقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام بحيث لا توقع تلك العقوبة إلا في الجرائم الأشد خطرًا وفي أضيق نطاق. بالإضافة إلى تعديل قانون المنشآت الحيوية بحيث لا يحال المدنيون، المتهمون بجرائم معاقب عليها بالإعدام إلى أية محكمة استثنائية أو عسكرية.
٣- إعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية وسد الثغرات الموجودة فيه والتي تخل بحقوق المتهم الأساسية وبخاصة الحق في المحاكمة العادلة المنصفة، ومنها: التمثيل القانوني وحق الدفاع ليصبح متسقًا مع نصوص الدستور المصري، وتحديدًا تعديل المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية التي تعطي للمحقق الحق في أن يبدأ التحقيق بدون محامٍ في حالات التلبس أو بسبب الخوف من ضياع الأدلة..