المبادرة تدين الحكم على أحمد عبده ماهر بالسجن خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان وتطالب بوقف محاكمات الناقدين للتراث الديني
بيان صحفي
قضت محكمة جنح النزهة أمن الدولة طوارئ أول أمس الأربعاء 17 نوفمبر 2021، بسجن أحمد عبده ماهر، المحامي والباحث في الفكر الإسلامي، خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان في القضية رقم ١٤١٢ لسنة ٢٠٢١.
وكان أحد المحامين قد تقدم العام الماضي ببلاغ إلى النائب العام ونيابة أمن الدولة ضد ماهر يتهمه بازدراء الإسلام في أحد كتبه، وأحالته النيابة إلى المحاكمة بتهم ازدراء الأديان وإثارة الفتنة الطائفية وتهديد الوحدة الوطنية.
وقال أحمد عبده ماهر لباحثي المبادرة، في مكالمة تليفونية بعد أولى جلسات محاكمته في 20 أكتوبر الماضي، إن تحقيقات النيابة في القضية دارت حول مضمون كتابه "إضلال الأمة بفقه الأئمة"، واتهامه بأن العبارات والنصوص الواردة فيه تسيء للدين الإسلامي. وأبدى ماهر اندهاشه من أن النيابة واجهته بنصوص من الكتاب منقولة من كتب الحديث والتراث الإسلامي واعتبرت أن نقله لها يمثل إساءة للإسلام. وعقّب ماهر بأن هذه النصوص أوردها على سبيل النقد لا التأييد.
وينقسم كتاب "إضلال الأمة بفقه الأئمة" إلى ثلاثة فصول: "ضلالات فقهية بين فقه القرآن وفقه الضلال" و "ضلالات عن مفاهيم بالسنة النبوية" و "سوء فهم وتفسير القرآن"، وتتضمن الفصول انتقادات حادة لآراء ونصوص تراثية إشكالية متنوعة وردت في كتب الحديث والفقه منها: عدم مسئولية الزوج عن زوجته المريضة وحكم مضاجعة الموتى وزواج الرجل بابنته وطلاق الزوجة الأكولة وجواز نكاح الصغيرة في المهد وغيرهم، ويطالب المؤلف بنبذ هذه الأفكار والأحكام، ويوجه انتقادات حادة للأزهر والإفتاء ويتهمهم بالتساهل مع هذه المرويات والآراء.
وأشار ماهر إلى أن النيابة في تحقيقاتها طلبت رأي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في الكتاب المذكور. وأضاف أن المجمع قدم رأيه للنيابة مؤيدًا اتهاماتها بكون الكتاب يتضمن ازدراءً للدين الإسلامي، وهو ما يعترض عليه ماهر ويقول إنه في خصومة مع مؤسسة الأزهر وأنه تقدم بنفسه بدعاوى ضد الأزهر يتهمه بعدم القيام بمسؤولياته في تجديد الخطاب الديني، وأن كتاب "إضلال الأمة بفقه الأئمة" هو أحد الدفوع التي يقدمها ماهر في مقاضاته للأزهر، فلا يجوز في رأيه استعانة النيابة برأي الأزهر في كتاب ناقد للأزهر لأنه لا يجوز سؤال الخصم عن خصمه.
وكان أحمد عبده ماهر قد نشر على صفحته الرسمية على فيسبوك "نداء واستغاثة إلى رئيس الجمهورية" وقال فيه إنه كان عسكريا خدم وطنه وخرج من الخدمة العسكرية لعدم اللياقة الطبية وهو في رتبة عميد وأنه حاليا عضو "جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب" ويبلغ من العمر 77 عاما. واستنكر أنه الآن يحاكم وفق قانون الطوارئ بتهمة ازدراء الإسلام بسبب تأليف كتاب تناول فيه بعض الآراء في الفقه الإسلامي الذي ينادي رئيس الجمهورية بتطويره وتجديده، وأضاف "ونحن نتعاون مع سيادتكم في ذلك الإصلاح"، بحسب نص البيان.
وتدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكم على أحمد عبده ماهر بأقصى العقوبة، محذرة من أن الحكم عليه استمرار لنهج متكرر من الملاحقات الأمنية والمحاكمات القضائية للمدونين والباحثين الذين يُعبرون عن آرائهم الدينية المخالفة للتوجهات الدينية السائدة، ومن بينهم مجموعة من الباحثين وأصحاب الآراء الدينية الناقدة للتراث الإسلامي والمطالبة بتجديد الفكر الديني والذين أعلنوا أنهم أقدموا على نشر كتاباتهم بعد تصريحات رئيس الجمهورية المتكررة حول تجديد الخطاب الديني. فقد تولت محكمة أمن الدولة طوارئ المطرية منذ أكتوبر 2020 محاكمة المحامي نبيل النقيب بتهمة ازدراء الدين الإسلامي بسبب آرائه الناقدة للتراث الإسلامي وأنماط التدين الشائعة، وذلك أثناء ظهوره في بعض البرامج التليفزيونية وفي كتاباته على حساباته الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي. وقد استندت نيابة أمن الدولة في اتهام النقيب أيضًا إلى خطاب من مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر يؤيد ارتكاب المتهم لجريمة ازدراء الأديان. وفي الوقت نفسه يظل الباحث والمدون القرآني رضا عبد الرحمن قيد الحبس الاحتياطي منذ أغسطس 2020 في اتهامه بالانتماء لتنظيم داعش دون أدلة أو قرائن.
وتطالب المبادرة بالتدخل العاجل لوقف ملاحقة أصحاب الآراء الدينية المختلفة عن السائد، ووقف محاكمات "ازدراء الأديان" وفق المادة 98 (و) من قانون العقوبات التي يتم وفقها اتهام وإدانة أصحاب طيف واسع من الأفكار والمعتقدات بدءًا من المذاهب الإسلامية المختلفة عن المذهب السني - مثل المنتمين إلى المذهب الشيعي أو مدرسة الفكر القرآني أو المذهب الأحمدي - أو حتى أصحاب الآراء النقدية للتراث الديني من داخل المذهب السني، وصولًا إلى ملاحقة أصحاب الأفكار الإلحادية أو اللادينية.