محكمة الجنايات تؤيد حبس بدر محمد عبد الله في أحداث "مسجد الفتح"
بيان صحفي
تستنكر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حكم محكمة جنايات القاهرة اليوم بتأييد حبس بدر محمد عبد الله لمدة خمس سنوات على ذمة القضية 8615 لسنة 2013 جنايات الأزبكية، والمعروفة إعلاميًا بقضية مسجد الفتح، أو أحداث رمسيس 2 والتي سبق وأن أصدرت فيها أحكام جماعية، في 2017، على مئات المتهمين دفعة واحدة، تراوحت عقوباتهم بين المؤبد والسجن لمدة 5 سنوات.
تعود وقائع القضية إلى أغسطس 2013، حيث جرت مظاهرات بميدان رمسيس بالقاهرة، انتهت باشتباكات وقع على إثرها عدد من القتلى والمصابين. وفي اليوم التالي، أُلقي القبض العشوائي على المحاصرين بمسجد الفتح والمتواجدين بمحيطه، ومن بينهم بدر الذي كان متوجهًا لشراء مستلزمات دراسية من منطقة الفجالة تحضيرًا لبدء عامه الدراسي الأول بكلية الهندسة، وكان آنذاك طفلًا يبلغ من العمر 17 عامًا.
قضى بدر ثلاثة أشهر من الحبس الاحتياطي قبل إخلاء سبيله في العام نفسه. ثم في مايو 2020 ألقي القبض عليه مرة أخرى، على خلفية صدور الحكم عليه في القضية بالسجن لمدة 5 سنوات. وعلى مدار ثلاث سنوات استمر تأجيل جلسات إعادة الإجراءات للنظر في الحكم الغيابي الصادر ضده، حتى صدر اليوم بتأييد الحكم عليه.
تجدر الإشارة إلى أن القضية ضمت عددًا من الأطفال في ذلك الوقت، تراوحت أحكام الإدانة الصادرة ضدهم ما بين 10 و5 سنوات سجن. وجهت النيابة العامة لهم آنذاك الاتهامات نفسها التي وجهتها للبالغين، دون تفرقة حقيقية بينهم فيما يخص المسئولية الجنائية. وكان من بين الاتهامات الاشتراك في تجمهر، واستعراض القوة المقترن بجريمة القتل العمد، والشروع في القتل، وتخريب أملاك عامة، والشروع في استعمال مفرقعات وحيازة أسلحة نارية وبيضاء. ورغم شيوع الاتهامات وعدم معقوليتها خاصة في حالة الأطفال المتهمين، من المهم الإشارة إلى أن بدر محمد عبد الله لم يواجه بأية أدلة أو أحراز، أو شهود حقيقيين، بينما لم تقدم تحريات الداخلية، ومن بعدها النيابة العامة أي أدلة تثبت إدانته بأي حال. ومن ثم فقد صدر الحكم ضده دون الالتفات إلى مبدأ شخصية العقوبة، ونشوء مسئولية الفرد عما ارتكبه من أفعال.
فى 2017 صدر حكم أول درجة ضد المئات دون الأخذ في الاعتبار، بشكل حقيقي، لأي من المراكز القانونية المختلفة للمتهمين واختلاف مسئولياتهم الجنائية، ودون مراعاة ظروف وملابسات القضية فيما يخص العدد الأكبر منهم، ثم لم تنصف محكمة النقض أيًا من المتهمين عندما رفضت طعونهم وأيدت الأحكام الصادرة ضدهم جميعًا في 2019. وعند نظر إعادة إجراءات بدر و25 آخرين، اعتمدت محكمة الجنايات في تشكيل عقيدتها على مجمل تأييد محكمة النقض للأحكام، والتفتت عن كل ما قدمه محامي بدر من دفوع تثبت عدم اشتراكه في أي جريمة تدينه.
قضى بدر محمد عبد الله ما يقرب من الثلاث سنوات في السجن، متنقلًا بين عدد من السجون في أوضاع معيشية صعبة، وفي ظل تصاعد خطر انتشار فيروس كورونا. في هذه الفترة لم يتمكن حضور ولادة ابنته، التي لم يرها حتى الآن سوى مرات معدودة في ظل استمرار تغيير قواعد الزيارة في السجون بدعوى الحد من انتشار عدوى فيروس كورونا منذ عام 2020.
قضى بدر محمد عبد الله أكثر من نصف المدة المحكوم عليه بها. وحسب إجراءات التقاضي في مصر، ستستمر إجراءات نقضه للحكم لفترة قد تتخطى إجمالي باقي المدة المحكوم عليه بها. تظهر حالة بدر مستحقة للعفو الرئاسي، إلا أن أسرته لم تتلقى ردًا على ما قدمته من طلبات للجنة العفو التي أعلنت أن نطاق عملها سيستمر في التركيز على "الشباب المحبوسين"، عقب إعلان رئيس الجمهورية إعادة تفعيلها أبريل الماضي.
وترى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن الحكم الصادر اليوم دليل جديد على أولوية العمل بشكل جاد على إغلاق ملفات وحل أوضاع المحتجزين على ذمة قضايا سياسية، بشكل عام، من بينهم المحبوسين احتياطيًا والمحكوم عليهم في قضايا جماعية، وأن الحكم الصادر اليوم ضد بدر وغيره من أحكام مشابهة يساهم في إفراغ العقوبات الجنائية من معناها. وتكرر المبادرة المصرية دعوتها إلى العمل بالمقترح الذي سبق ونشرته لتحديد معايير وضوابط للإفراج عن جميع السجناء السياسيين في مصر.