في يوم المرأة العالمي: تقرير جديد يرصد نجاح مصر في خفض وفيات الأمهات
بيان صحفي
في يوم المرأة العالمي تحيي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الجهود المتراكمة التي أدت لانخفاض معدلات وفيات الأمهات في مصر في فترة العشرين عاما ما بين ٢٠٠٠ و٢٠٢٠ كما ورد في تقرير حديث صدر من (مجموعة الأمم المتحدة المشتركة بين الوكالات لتقدير وفيات الأمهات) والذي يغطي التغير الطارئ في العقدين الماضيين. ويكشف التقرير أن مصر من ضمن البلدان العشر التي شهدت أكبر نسبة انخفاض في معدل وفيات الأمهات في تلك الفترة، فبينما كان معدل وفيات الأمهات في مصر ٧٩ وفاة من كل ١٠٠ ألف ولادة مولود حي في عام ٢٠٠٠، فقد بلغ نفس المعدل ١٧ في عام ٢٠٢٠ طبقًا للتقرير الأممي. وتدعو المبادرة المصرية أيضًا لوضع جميع مؤشرات صحة وحقوق النساء والفتيات الجنسية والإنجابية في القلب من تصميم السياسات العامة جميعًا، وإتاحة البيانات المفصلة التي تسمح بتصميم وتقييم التدخلات الهادفة لضمان تلك الحقوق لجميع النساء والفتيات بمصر
يقدم التقرير الصادر عن المجموعة -التي تضم منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وصندوق الأمم المتحدة للسكان ضمن هيئات أخرى- تقديرات عالمية وإقليمية وقطرية قابلة للمقارنة بشأن وفيات الأمهات خلال عشرين عامًا. وتعرف منظمة الصحة العالمية وفيات الأمهات بأنها «وفاة المرأة أثناء الحمل أو بعد نهايته ب ٤٢ يومًا لأي سبب له علاقة بالحمل أو التحكم به، بغض النظر عن مدة ومكان الحمل، وليس لأسباب عرضية.»
الوارد في التقرير عن مصر إيجابي إلى حد كبير، فبخلاف كون مصر من أكثر البلدان التي حققت تقدمًا في هذا المؤشر الهام، فإن هذا التحسن يتجاوز المستهدف الذي حددته (الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية) بأن يبلغ المعدل ٢٦ من كل ١٠٠ ألف ولادة لمولود حي بحلول عام ٢٠٣٠، وإن كانت التقديرات في الاستراتيجية والتقرير فيما يخص معدلات عامي ٢٠١٤ و٢٠١٥ مختلفة عن بعضها لحد كبير. فبينما حدد التقرير أن معدل وفيات الأمهات في عام ٢٠١٥ بلغ ٢٤، كان تقدير الاستراتيجية ٥٢ وفاة من كل ١٠٠ ألف ولادة وليد حي؛ مما يثير التساؤل حول دقة مؤشرات الاستراتيجية الوطنية والتي اعتمدت على بيانات غير محددة من الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.
وبالرغم من هذا التطور الإيجابي، فبالتدقيق في مؤشرات التقرير الأممي يتضح أن أغلب هذا التحسن حدث في الفترة ما بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠١٠، حيث شهدت تلك الفترة تراجعًا للمعدل ب٤١ وفاة من كل ١٠٠ ألف ولادة مولود حي، بينما تراجع المعدل نفسه في الفترة ما بين ٢٠١٠ و٢٠٢٠ ب٢١ وفاة فقط. ولا يتيح التقرير إلا معدلات على المستوى الوطني، بما لا يمسح بالتدقيق في التوزيع الجغرافي وطبقًا للدخل في تلك التغيرات. وهو ما يجب التدقيق فيه بنشر الدولة للبيانات المفصلة، خاصة وأن نتائج المسح الصحي السكاني الأخير الصادر عام ٢٠١٤، وهو آخر المسوح الصحية الذي تم إصدار بياناتها بالكامل، يلاحظ به التفاوت الواضح في الخدمات الصحية المقدمة خلال رعاية الحمل بين الطبقات الاجتماعية الأغنى والأفقر وبين المحافظات المركزية والمحافظات الأفقر والطرفية، لصالح الطبقات الأغنى والمحافظات الأكثر ثراء. ويمكنكم القراءة عن ذلك بالتفصيل في تقرير المبادرة المصرية "العدالة الاجتماعية والصحة في مصر" الصادر في 2018 والذي استخدم بيانات المسح الصحي السكاني 2014.
وحدد صندوق الأمم المتحدة للسكان، ضمن عرضه لجهوده لتحسين معدلات وفيات الأمهات في مصر، التحديات التي تواجه الحد من وفيات الأمهات كالتالي: انخفاض معدل انتشار وسائل منع الحمل، وحمل المراهقات، والاحتياجات غير الملباة لتنظيم الأسرة، وكذلك الولادة في أماكن غير مرخصة مثل العيادات الخاصة. وبعض تلك التحديات هو في حد ذاته من أهداف التنمية المستدامة أيضًا. الملفت في عدد من الأدبيات العلمية أنها تشير الى أن معظم وفيات الأمهات ومشاكل الأطفال حديثي الولادة في مصر يمكن منعها مسبقًا إذا تلقت النساء خدمات رعاية صحية أساسية ومستمرة قبل الولادة وأثناءها وبعدها، إلا أن الاستفادة من خدمات رعاية صحة الأم المستمرة لا تزال منخفضة بشكل كبير بين الأمهات المصريات وخاصة في المناطق الريفية. ويضاف لذلك مشكلة عدم الإلمام الكافي بين مقدمي الخدمة بمهارات الرعاية الصحية خلال فترة الحمل وما بعده، حيث أن تمكين مقدمي الخدمات الصحية ليكونوا أكثر دراية ومهارات، مع زيادة وعي النساء بشكل عام والمراهقات على وجه الخصوص بحقوقهن الإنجابية، أمران بالغا الأهمية للحد من وفيات الأمهات من خلال تسهيل أنشطة التوعية وزيادة الوصول إلى الخدمات الطبية وأماكن تقديم الخدمة الصحية ، وتوفير تدابير الإسعافات الأولية لإدارة المضاعفات.
وتلقي المؤشرات الأولية للمسح الصحي للأسرة المصرية المعلن عنها في أغسطس ٢٠٢٢ الضوء على بعض الأنماط والتي يفترض أنها ساهمت في تحسن مؤشر وفيات الأمهات، مثل التحسن في بعض مؤشرات حصول النساء على رعاية الحمل بشكل عام، أو بشكل منتظم، وزيادة معدلات الولادات على يد مقدمي الخدمة الطبية. ولكن المسح أيضًا يلقي الضوء على بعض المؤشرات المقلقة المرتبطة بهذا المؤشر الأخير، إذ اقترنت زيادة معدلات الولادة على يد مقدمي الخدمة الطبية بزيادة أكبر في عدد الولادات القيصرية، حيث تشير مؤشرات المسح الأولية إلى أن ثلاثًا من كل أربع نساء في مصر أنجبن طفلهن الأخير بولادة قيصرية. ويشير المسح أيضًا أن واحدًا من كل خمسة أطفال ولدوا في مصر في الأعوام الخمس السابقة على المسح كن نتيجة لحمل غير مرغوب فيه، وهو ما يتوافق مع مؤشر آخر معلن بزيادة في معدلات الاحتياجات لوسائل تنظيم الحمل غير الملباة للنساء في مصر بالمقارنة بالمسح السابق له في ٢٠١٤.
وتكرر المبادرة تذكيرها بأهمية إتاحة بيانات المسوح الصحية السكانية، وعلى رأسها المسح الصحي للأسرة المصرية ٢٠٢٢ بشكل عاجل للجميع لبيان واقع المؤشرات الصحية في مصر، ومنها الأنماط طبقًا للدخل والتوزيع الجغرافي في تغير معدلات مثل معدل وفيات الأمهات.
وجدير بالذكر أنه على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية ، انخفض معدل وفيات الأمهات والمواليد في معظم أنحاء العالم، وإن لم يكن بالقدر الذي كان متوقعًا عندما اعتماد الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2000. وأشار التقرير الأممي لأنه "بين عامي 2000 و 2020 خفضت 69 دولة معدلات وفيات الأمهات بمقدار النصف على الأقل؛ وفي 34 دولة انخفضت معدلات وفيات الأمهات بنسبة الثلثين." ونظرًا للأهمية البالغة لخفض معدلات وفيات الأمهات فقد خصصت أهداف التنمية المستدامة له مؤشرًا خاصًا وحددته عالميًا بخفض معدل وفيات الأمهات إلى أقل من 70 حالة وفاة لكل مئة ألف ولادة حية بحلول عام 2030.