بيان مشترك: رفض "الأعلى للإعلام" ترخيص موقع "فكَّر تاني" يعد استمرارًا للهجمة على الصحافة المستقلة في مصر
بيان صحفي
تُدين المنظمات الموقعة أدناه قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الصادر في 8 سبتمبر الماضي برفض منح الترخيص لموقع "فكّر تاني". وتُعِد هذا القرار جزءًا من سياسة حرمان المواقع المستقلة من حقها في الترخيص، ما يعرضها لتهديدات قانونية في إطارٍ عامٍّ من تقييد حرية الإعلام والحق في تداول المعلومات، ويطالب الموقعون على البيان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بقبول الالتماس المُقدَّم من شركة "فري ثينك ميديا" المالكة لموقع "فكّر تاني" في 20 أكتوبر الجاري.
تلقت شركة "فري ثينك ميديا" المالكة لموقع "فكَّر تاني"، في 19 سبتمبر الماضي، إخطارًا من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برفض طلب الترخيص، مُرجِعًا ذلك إلى ثلاثة أسباب، تتعلق بعدم وضوح السياسة الإعلانية، ومصادر التمويل، وخطة تأمين الأجهزة. ويعد "فكّر تاني" موقعًا إلكترونيًّا مستقلًّا، يهدف إلى تقديم محتوى صحفي متنوع يلتزم بالمعايير الأخلاقية للصحافة، ويعتمد مبادئ حقوق الإنسان، بحسب تعريف الموقع لعمله.
وقد استوفى موقع "فكّر تاني" جميع المتطلبات القانونية والإدارية، بما في ذلك سداد الرسوم المطلوبة بقيمة 50 ألف جنيه مصري، منذ يوليو 2023. ومعلوم أنه يجب على المواقع الصحفية الإلكترونية الحصول على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وفقًا للقانون رقم 180 لسنة 2018، بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، حتى تتمكن من العمل ونشر المحتوى الصحفي رقميًّا. وتقدم موقع "فكر تاني" بالتماس إلى المجلس الأعلى للإعلام في 20 أكتوبر الجاري، للنظر في قرار المجلس برفض الترخيص، والذي تضمن عدم وضوح السياسة الإعلانية، ومصادر التمويل، وخطة تأمين الأجهزة للموقع، وهو ما لم يُبتّ فيه حتى الآن.
يأتي رفض ترخيص موقع "فكّر تاني" ضمن سلسلة من الانتهاكات، التي واجهتها مواقع صحفية مستقلة، حيث رفض المجلس الأعلى للإعلام الترخيص لموقع "مدى مصر"، الذي تقدم بطلب الترخيص في عام 2018 ولم يتلقَّ ردًّا، ما دفعهم إلى تقديم طلب مرة أخرى في 2020. وقد أخطرت النيابة العامة رئيسة تحرير مدى مصر لينا عطا الله بقرار رفض الترخيص أثناء جلسة تحقيق في القضية رقم 22 لسنة 2023 حصر نيابة الاستئناف، في فبراير 2024، فلجأ "مدى مصر" إلى القضاء الإداري للطعن على هذا القرار، إلا أن المحكمة أصدرت حكمًا بتأييد قرار رفض الترخيص، في مايو 2023.
وفي هذا السياق لم يرد المجلس الأعلى للإعلام على طلب موقع "المنصة"، المقدم في أكتوبر 2018، وتعرضت رئيسة تحرير المنصة نورا يونس، للاحتجاز لمدة يومين بعد اقتحام قوة أمنية مقر الموقع، بتهمة إدارة موقع بدون ترخيص، في عام 2020. كذلك لم يرد الأعلى للإعلام على طلبات الترخيص التي قدمتها مواقع: "السلطة الرابعة"، "درب"، "مصر 360"، "ذات مصر"، و"مصر العربية"، الذي قرر القائمون عليه التوقف عن العمل في عام 2021، بسبب التضييق وعدم الرد على طلب الترخيص.
تظهر سياسة المجلس الأعلى للإعلام تجاه ترخيص المواقع المستقلة عدة جوانب في التعامل معها، حيث لا يتقيد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بنص المادة (60) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، التي تحدد سقفًا زمنيًّا للرد بالموافقة أو الرفض على طلبات ترخيص المواقع الصحفية خلال 90 يومًا من تاريخ استيفاء الطلب. ففي أغلب الحالات، لم يرد المجلس على الطلبات حتى الآن، وفي حالات رفض الترخيص لموقعي فكَّر تاني ومدى مصر، جاء رد المجلس بعد انتهاء المدة القانونية.
من جانب آخر، يتجاهل المجلس الأعلى للإعلام الشروط المنصوص عليها في المادة (١٥) من لائحة التراخيص، التي ترتبط باستيفاء بعض المعلومات الأساسية وأبرزها صورة من السجل التجاري بعد الاطلاع على الأصل، واسم الموقع الإلكتروني، وعلامته التجارية المسجلة، واللغة التي يُبث بها، ونوع نشاطه، ومصادر تمويله، وبيان ميزانيته، ومحله القانوني، ومكان بثه. وتُظهر ردود المجلس الأعلى للإعلام أنه بدلًا من استيفاء هذه المعلومات الأساسية، يعمل على وضع أسباب فضفاضة لقرارات رفض الترخيص بداعي "عدم وضوح" المعلومات.
ويجمع بين المواقع المستقلة المرفوض ترخيصها، أو التي تم تجاهل طلباتها للترخيص، أنها تنشر محتوى ناقدًا للسياسات الحكومية، كما تتعرض هذه المواقع المستقلة لأشكال أخرى من التقييد، منها: الحجب، أو القبض على الصحفيين، أو التحقيق مع الصحفيين أمام نيابة أمن الدولة العليا.
وتلفت سياسة المجلس الأعلى للإعلام إلى إشكالية غياب استقلاليته، حيث يغلب على تشكيل المجلس عضوية ممثلي الجهات التنفيذية، ويُعيَّن رئيس المجلس من قِبَل رئيس الجمهورية، رغم نص الدستور على أنه مجلس مستقل. وتجدر الإشارة كذلك إلى انتهاء مدة المجلس الحالي منذ 22 يونيو 2024. وتتكامل هذه السياسة مع ممارسات أخرى مثل هيمنة أجهزة أمنية على ملكية أغلب وسائل الإعلام الكبرى في مصر، وممارسة الرقابة الأمنية على وسائل الإعلام، ما يخلق حالة مستمرة من الخوف والرقابة الذاتية وإهدار ضمانات حرية الإعلام وحرية تداول المعلومات المنصوص عليها في المواد أرقام (68)، (70)، (71)، و(72) من الدستور المصري.
تدعو المنظمات الموقعة المجلسَ الأعلى لتنظيم الإعلام إلى وقف سياسة حرمان المواقع الصحفية المستقلة من التراخيص، كما يجب على المجلس أن يلتزم بالمواعيد والنصوص والضوابط القانونية، التي تُمكِّن الصحافة المستقلة من العمل بحرية٬ كما تؤكد المنظمات الموقِّعة على أهمية التزام السلطات المصرية بتعهداتها الدولية والدستور المصري لحماية حرية الصحافة وضمان وصول المواطنين إلى المعلومات.
المنظمات الموقعة:
-
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
-
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
-
المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى)
-
المنبر المصري لحقوق الإنسان
-
منظمة هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
-
إيجيبت وايد لحقوق الإنسان
-
جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات
-
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
-
مؤسسة قضايا المرأة المصرية
-
بيبول إن نيد People in need
-
الأورمتوسطية للحقوق