نماذج من شهادات الأسر المسيحية المُهجرة من العريش
مكرم شنودة - محافظة الإسماعيلية:
بقالنا سنة سايبين مصالحنا وحاجتنا وبيوتنا ومشاريعنا، ومش عارفين نكلم مين، بعت تلغرفات لرئاسة الجمهورية ورئيس الوزرا وكل الجهات عشان حد يرد مفيش حد رد لحد دلوقتي، عندنا مشاكل كتير أوي: الشباب مش شغال، والناس إللي على معاشات، بناخد 1200 جنيه في الشهر مش مكفية حاجة، بننتظر الأستاذ أسامة (يقصد إعانات الكنيسة) وبقاله شهرين مجاش، فيه عيال في مدارس جامعات ومعاهد وكليات عندها معاناة كبيرة، جاري معاه ثلاث عيال في الكليات بياخد 1200 يعملوا إيه، وهوه علي المعاش، وكمان رجل مريض عندنا مشاكل كتير.
فيه مشكلة مهمة عند خمس أسر عندنا يمتلكوا عربيات أجرة سيرفيس، بنقول عليها بعداد، وفيه ميكروباص، إحنا بنرخص وكمان ندفع ضرائب وتأمينات، والعربيات واقفة طيب يا ريتنا مشغلينهم، لكن المسئول يقولك مينفعش تغير الرخصة، معندناش تعليمات، بعت لرئاسة الجمهورية والمحافظ ووزير الداخلية ورئيس الوزرا ورق وبيتحط في الأدراج مش عايز أقول سلة المهملات، في الدرج، ياريت حد يسمعنا، ولا المحافظ بييجي ولا حد بيطلع علينا. فيه حاجات كتير في المساكن زي عدم النظافة، الصرف الصحي طافح كل العيال بيضرروا...
اتصلت بالمحافظة كذا مرة مفيش رد، الحاجة التانية شبابنا كل واحد كان شغال فِشركة أو مصنع أسمنت مفيش شغل لهم، إحنا بنطالب بإعانة شهرية يعني تكون في المعقول أو تعويض عن التلفيات، أنا كان عندي مخزن تحت العمارة عندي، إتسرق من شهر ونص وعملت محضر في أبو صوير بس طبعًا مش معايا رقمه…
وقت التهجير إحنا طلعنا بهدومنا، معناش حاجة، بصراحة السيد المحافظ قابلنا مقابلة كويسة في أولها، بعد كده إهمال تام، الشؤون الاجتماعية قابلتنا وإديتنا شقق وشقة مفروشة كويس، الدنيا هنا، هو صعبة بالنسبة للشباب والأسر، يعني إعدام، بنتسول، عشان نأكل نخبط على الكنيسة، يقولوا مفيش بركة النهادرة، طيب الأسبوع الجاي، طيب الشهر الجاي كتر خير الكنيسة على قد مقدرتها، إحنا مش مسؤولين من الكنيسة مسؤولين في الدولة.
أي حد يروح يشوف حاجته في العريش فيه متربصين بنا يقتلونا، من مدة شهر بالضبط باسم ابننا ملقاش شغل هنا رجع العريش ضربوه وموتوا… بالنسبة للمستقبل مفيش، إحنا معندناش إقامة نقدر نأخد قرض أو أي حاجة نبدأ بها مشروع تغيير... طيب إحنا إيه ذنبنا تخلوا الناس الشر مع الكويسين، على الأقل يدبروا لنا شغل عربيات آدي واحد معاه عيل أهو ده صاحب عربية، وبعتنا فاكسات وتليغرفات للرئاسة الوزرا وكل حتة محدش رد ولا حد بيسأل معناش حتي حق الفاكس والله لسه طالب منه العشرين جنيه حق الفاكس وعنده حالة وفاة ومضايقين ظروفنا صعبة..
بالنسبة للنيابة ولا فيه نيابة ولا بتاع لا التحقيق ده في الواقعة يعني بيدوا تعويض عشرين ألف جنيه، عشرة من المحافظة وعشرة من الشؤون الاجتماعية لأسرة المتوفى.
فاروق سلامة - محافظة الإسماعيلية:
أنا كنت ساكن في شقة ملك واسعة كبيرة فيها كل الكماليات: ثلاجتين، غسالتين، تليفزيونين، كنت شغال في الشهر العقاري في القسم المالي تبع وزارة العدل في مجمع المحاكم في العريش شمال سيناء، وضعي الحالي ميتحكيش عايش في أوضه وصالة، الناس هنا في الإسماعيلية بيستغلونا أول ما لقينا عايزين شقة، قالوا لنا خدوا تعالوا الشقة دي بـ1200 بالأسانسير والسلم 1400 والمعاش قليل مش بيكفي.
في العريش، كل الناس بتحبني، كنت بخدم الناس، أمشي في الشارع: عم فاروق عم فاروق، بعد إللي حصل (يقصد حوادث الاستهداف) بقى كل الناس يخافوا مني، ليه عشان خايفين أمشي قدام المحل أضِرِّب بالنار، الناس بتخاف تتعامل معانا بعد ما كانوا بيحبونا بقوا بيخافوا، فيه بعض العائلات بتتعامل معانا بس في بيوتهم لكن بره في الشارع لا، "أنزل البلد أخاف… أنزل البلد أخاف" وبعدين إحنا اختصرنا القصة مبقيناش نخرج من الضاحية، على قد السوق والخضار والحاجات الشخصية مش أكتر حي المساعيد ممنوع حي الصفا ممنوع كله… إتحبسنا.
إحنا طلعنا بهدومنا ملحقناش ناخد حاجة، خدت المدام ومشيت، قالوا لنا هنا فيه سكن الشباب ،الأنبا يوليوس أسقف الخدمات والأنبا قزمان من شمال سينا عملوا لنا بحث اجتماعي كل واحد ياخد شقة وياخد وظيفة، ولكن مفيش حاجة حصلت ماخدتش غير إعانة 1000 جنيه قالوا من البابا تواضروس، رحت المحافظة والتضامن الاجتماعي ولا حياة لمن تنادي.
مفيش حد إتكلم معانا من الوزراء أو من أي جهة.
أتمنى أرجع العريش، دي بلدي من سنة 48، بلد والدي كان موظف في السكة الحديد عمل السكة الحديد (قال ذلك متأثرًا) ده أنا عشت وإتجوزت فيها، العيال إتربوا فيها، عَندي دينا اقتصاد وعلوم سياسية، وداليا جامعة أمريكية، وفيفيان ماجستير علوم، وسيادة المستشار مش هذكر اسمه، والمدام في التريية والتعليم، إحنا ناس مرموقين مش أي حاجة وبعدين عائلات الأقباط في العريش إللي دكاترة وإللي مهندسين وإللي وإللي مفيش حد حتى الناس الأرزوقية تجار كبار، تجار على مستوى، آجي في يوم وأدي له 400 جنيه، هوه بيشحت، الرجل بتاع حي الصفا ولا المساعيد بيشحت تديه 400 جنيه ليه… يجيب شوية عيش و أكل وشرب دي ناس عايشه في مأساة.
حلم من أحلامي إني أرجع العريش لأننا أصبحنا مش عايشين في ملكنا، ودي حاجة متعبة، الحمد لله إحنا مستورين، بس الكنيسة مساعدتناش، كمان أنا رُحت للدكتورة غادة والي مكتبها، وخَبَّط عليهم، محدش رد عَليَّا أو سأل فِيَّا، ورُحت الكاتدرائية للواء نبيل وسكرتير البابا ومحدش سأل فِيَّا... إحنا عندنا شُهدا اضربوا بالنار، كل أسرة أكتر حاجة خدتها 15 ألف وبناء عليه مستعد الناس دي ييجي مندوب ونكلمهم وعناوين الناس دي معايا، في حين أن الدكتورة غادة والي صرفت 100، 200 ألف للشهداء في الأماكن التانية.
بُقطر دميان - محافظة الإسماعيلية:
أنا أساسًا من قنا، وقاعد في العريش بقالي 27 سنة ربنا كرمني ووظفت هناك سنة90، طلعت معاش 2008، لأن سني كان كبير، واشتغلت 18 سنة في الوظيفة، والمدام اشتغلت في التربية والتعليم وخرجت معاش من فترة، عندي ولد وخمس بنات، واحدة ماتت فيهم وبنت منهم مجوزة وواحدة في دبلوم، لما حصلت البلاوي دي، طبعًا بقينا مهددين، لما لقينا الناس بتمشي كل مشي مشينا معاهم، جابونا على الإسماعيلية علي الكنيسة الإنجيلية بعد كده فندق الجيش قعدنا 20 يوم بعدها على عمارات مبارك، وقالوا لنا مؤقتة جينا بعد كده، بصينا قالوا لنا فيه فلوس جاية ليكم، مشوفناش حاجة، يادوبك جابونا هنا، ومشوفناش حاجة، الكنيسة بس إللي بتساعدنا بشكل مش منتظم.
مينا صبحي - محافظة الإسماعيلية:
أول ما جينا رُحنا نُزُل الشباب، بعدها معسكر القرش، الأماكن العامة، وبعدها الدولة وفرت لنا شقق، مش تمليك خالص، هُمه جمعونا في خمس عمارات تعتبر ضيافة، إحنا ضيوف على الدولة أو علي المحافظة، وماضيين تعهد علي الشقة والحاجات إللي جُوه الشقة، ماضيين عليها تعهد بأن نترك كل شيء في حالة سيبنا الشقة ناخد بس متعلقاتنا الشخصية، ونمشي لكن إحنا منمتلكش أي حاجة جوه الشقة، الدولة مقعدانا هنا ضيوف لحد ما الحوار يخلص أو الحرب تخلص في سيناء…
عندي مشاكل كتير، أولها شغلي، أنا بشتغل في حاجة مش بتاعتي، عندي تاكسي في شمال سيناء، طبعًا هنا مش شغال، الوضع في الإسماعيلية مختلف خالص، كلمنا المحافظ قالك لا، إنتو ضيوف مينفعش أعمل لك حاجة اسمها أجرة الإسماعيلية، دلوقتي بشتغل حاجة تانية، وبالرغم من ده مضطر أدفع تأمينات وضرايب كل سنة للعربية وهي واقفة مش شغالة، أنا شغال أمن ليلي. ده أول مشكلة بالنسبة لنا كشباب مش لاقيين شغل، وناس كتير في البيوت قاعدين. المشكلة التانية معندناش أصحاب أو أي حد في سينا لينا أصحابنا وحبايبنا لو واحد مثلًا يمر بأزمة يروح لصاحبة أو حاجة هنا الدنيا مقفولة مفيش حاجة خالص نشكر ربنا…
بالنسبة للمستقبل مفيش مستقبل يا فندم مفيش استقرار مفيش مستقبل حضرتك مش مستقرة مفيش مستقبل، لا عندك إقامة إنت في أي وقت ممكن يقول لك إطلع برَّه، لو طلعت برَّه هاخد مراتي وعيالي وأروح فين؟ طيب عايز أفتح مشروع أفتحه إزاي وأنا مش مقيم حتى لو مشروع صغير صغير جدًّا ثمنه 8 أو عشرة آلاف جنية طيب لو قال لي إطلع بره أروح فين أنا معنديش عزال (أثاث) لا أملك أي شيء، شوية هدوم خدناها، وإحنا ماشيين وخلاص يعني لو الدولة قالت لي خلاص إنتو بقيتوا ضيوف تقال، إنتو خلاص مع السلامة، معناش عزال ولا معايا فلوس، محدش فينا يمتلك شيء، محدش معاه فلوس حتى يجيب عزال، هاخد مراتي وبنتي وأروح فين، مفيش مستقبل، أنا رجل مش موظف مش قصدي حاجة، أو بحقد على الموظفين أو كده أنا راجل أرزقي وفيه أرزقية كتير، ومراتي ست بيت هنصرف منين هناكل منين، شغال أنا إيه يافندم في محل أمن باليل… طيب عربيتي دي راس مالي هيه إللي باكل منها عيش واقفة تحت، زيها زي الملاكي مطلوب منها تأمينات وضرايب…
ابن عمتي توفي نبيل صابر وآخِر واحد باسم حرز أخو مراتي، مش هقدر أرجع دلوقتي عشان القتل والتربص إللي بيحصل للي بيرجعوا زي باسم، وهنا لو رُحت تشتغل عند حد لازم يكون فيه معرفة وأول ما يعرفوا إن إحنا من العريش يقول لك الناس دي مش لاقية تأكل يعني آسف لو بيدوا ألفين ثلاثة يدوك ألف جنيه، أكبر مرتب هنا 1200/ 1300 الشركات الخاصة، همه دول ينفع يفتحوا بيت النهاردة مفيش شغل، باسم ضاق بيه الحال قال مش هقعد كده وإللي عايزه ربنا يكون، الواحد مبياخدش أكتر من نصيبه، رجع باسم مكملش ثلاث شهور كل ما البلد تهدا ونقول نرجع فيها تاني يحصل حاجة نرجع للصفر...
بيتي في العريش مش عارف أعمل فيه حاجة، لا أروح آخد منه حاجة أو أقدر أبيعه مينفعش أوكِّل حتى حد يبيعه لو عرف إن إحنا أقباط وكدا هيقولك إللي بميه ياخده بعشرين وبعشرة، أنا أعرف ناس باعوا بيوتها برخص التراب مضطرين بس في أول الأزمة لحقوا قبل مننا فباعوا ومشيوا... أنا حضرتك مش عارف أجيب حاجة، ابن عمي نبيل صابر مكملش ثلاث أيام اغتالوه في قلب البيت... هوه عنده صالون حلاقة ضربوه في قلب الببت، كان رايح يجيب أوراقه وأوراق أولاده عشان المدرسة مكملش ثلاث أيام وضربوه… همه هنا كانوا عايزين ورق للعيال للمدارس من هناك، كان في بورسعيد مكنش استلم شقق كانوا قاعدين في نُزل شباب في غرف وكان الحال ضاق به… إحنا في كلمتين إترمينا واتنسينا إحنا عاملين زي اللاجئين، إخواتنا المسلمين في رفح عوضوهم و معاهم عربيتهم.
أم ميلاد - محافظة الإسماعيلية:
عندي ست صبيان مِجوِزة أربعة، قاعدين في البيت، معايا مريم عروسة وعايزة أجهزها مش قادرة، وبطلب من ناس كتير، يقول لي حاضر حاضر، ومحدش بيجيب لي أي حاجة (باكية)… حياتي هنا صعبة صعبة خالص، هناك كنت بطلع واشتغل وأجيب رزقي ورزق عيالي، هنا معرفش حد، وحالتي صعبة خالص، وأنا غصب عني لما أجيب بدراعي أحسن من مد إيدي لحد، أنا أحب أجيب من عرقي وشقايا بس غصب عني… حتى البيت إللي قاعدة فيه ده مش بيتنا أنا بيتي في العريش بانياه من عرقي 400 متر ومجوزة كل واحد، أنا إللي مجهزاهم. أنا ودني بتوجعني ومش عايزه أقول لحد عشان الظروف… رُحت ثلاث مرات العريش آخر مرة مسكوني وتعبت في الطريق مرضيوش يعدوني، في مرة وقفوني في كمين وسألوني على البطايق زي ما تكون حاجة شدتني يسامحني ربنا رُحت خبيت البطاقة وقلت له مش معايا البطاقة وهما قتلوا ناس كتير مسيحيين ليلة ما ضربوا هيثم ده كان جنبه (في إشارة لزوجها) أنا خفت عليه رُحت جبته وجيت… إحنا لينا أكتر من 11 نفر ميتين ولادي هنا بيشتغلوا يشيلوا رملة وأسمنت وطوب باليومية ملقوش أهم قاعدين.
صدقني يعلم ربنا، أنا بروح السوق عشان الأكل، أترزق من الناس، غصب عني… أنا كنت في العريش بشتغل وأطلع بس بعيد عنك المصيبة دي جات مرة واحدة… أنا بمجد ربنا وربنا بحمدك وبشكر فضلك علينا يا رب إن إنت طلعتنا بسلام أنا وعيالي.
(مرة أخرى تشير إلى ابنها) ده من ساعة ما جي من نهار هيثم، مردتش أخليه يطلع وإمبارح لسه شق الجلبية عشان عايز فلوس وهيرجع العريش، ممكن أوريهالك ولطمت وعييت، عايز يمشي راح إستلف فلوس من الناس، وعايز يرجع لأنه مش لاقي شغل هنا لما بيحتاج فلوس أنا بطلع أجيب له… هو هناك كان متوظف وأنا خايفة عليه… يعلم ربنا بقالوا شهر قاعد مش بيدخل قرش وعايز سجاير على طول كل يوم، أنا بردو ساعة ماطلع يقول لي رايحة فين أقول له أشتري حاجة أقعد هنا لحد ماجي ولما أدي له فلوس ويسألني أقول له ربنا بعت لي ولما زهقني وخنقني من الأسئلة رُحت حكيت له عن سؤال الناس، راح قال لي متعمليش كده تاني ساعة لما يكون مش هنا بروح أجيب أكل عيالي.
إللي معايا في الهندسة ده يعني بياخد مصاريف، كتير جدًّا، بيلاقي شغل يشتغل ميلاقيش يقول لي رايحة فين يا ماما، أقول له رايحه الكنيسة بس يسامحني، ربنا مبكنش رايحه الكنيسة رايحة أجيب لهم ياكلوا.
منير مالك إبراهيم - محافظة الجيزة
أنا من مواليد الصعيد، مدينة ملوي، سيبتها سنة 82، لما جالي شغل في شمال سيناء في العريش اشتغلت مدرس أول إعدادي، وتدرجت وظيفيًّا لغاية ما وصلت مدير عام في مديرية التربية والتعليم، وكل فترة كنت بنزل البلد عشان أشوف أهلي وحاجات لي.
دي مش المرة الأولى للتهجير دي المرة التالتة، قبل كده جالنا تهديد، وأيام الثورة هاجرنا قعدنا شهرين في محافظة تانية.. ولما مرسي مسك قعدنا شهرين تاني بره العريش.. جالي تهديدات كتير في رسايل مكتوب فيها إرحل في خلال 24 ساعة وبلغت مديرية الأمن بكده، فقالوا لي تلاقيه واحد صاحبك بيهرج معاك أو الرقم ده مش بيرد، ودي كانت أرقام من إللي بتتباع على الرصيف ومش معروف مين صاحبها.
أنا واحد جالي تهديدات، ولما اشتدت الأزمة من أواخر 2016، إتضرب فيها المرحوم وليم في المحل بتاعه، واتضرب الدكتور بهجت قدام الصيدلية بتاعته.. ولما لقينا الأزمة هتوصل لينا وناس بتتقتل وبتتحرق بيوتها وهمه جواها، اضطررنا كل واحد ياخد عياله ويمشي.
يوم 2 مارس حرقوا لي الأرض بتاعتي، عملت محضر عشان إحنا مشينا من هناك في نص فبراير، نزلنا من العريش 13 فبراير.. والأرض دي مبني فيها فيلا، فيها مشاريع فيها مكن تفريخ ديجتال، حتى الإفراج الجمركي موجود معايا، وحضانات تفريخ، كنت عامل مشروع ﻷني راجل على المعاش، والمعاش مش بيكفي حد، كنت عامل مشاريع تسندني.. حرقوا لي 3 ماكينات ديجتال الماكينة سعة 5000 بيضة، وحضانات تفريخ واتحرق عندي 15 متر مربع خشب تسليح وأدوات بناء كل ده راح.
وكان عندي مشروع نحل 100 خلية نحل حرقوه، بالإضافة إلى قطع غيار وأكسسوارات عربيتي.. وكان عندي مكتب فيها ماكينات تصوير وابني بيصلح ماكينات تصوير.. كل ده إتحرق.. دي مشاريع كانت بتدر عليَّ دخل لكن دلوقتي بعد ما كنت في سابع سما نزلت سابع أرض وهبتدي من الصفر إزاي هو العمر لسه فيه بقية ولما أقول لحد يقول لي معلش ربنا يعوض عليك.
ولما عملت محضر اتصل بي مأمور قسم المساعيد قال لي بالتهديد هتتنازل عن المحضر ولا ﻷ.. قلتله لو متنازلتش هيحصل إيه قال لي مش هحمي لك باقي ممتلكاتك.. يعني بالإجبار.. وعندي محاضر الحريقة ومحاضر سرقة عربيتي ودلوقتي أنا على فيض الكريم خدوا كل ما أمتلك حتى هدومي هناك، ودلوقتي أنا لا قادر أروح ولا قادر أبعت حد.
دلوقتي هنا أنا واخد إيجار وسعره عالي والمعاش إللي باخده مش بيكفي إيجار.. ثانيًا الدولة مش عايزين يعترفوا إننا مهجرين، مش عارف ليه.
محافظ الجيزة راجل يُشكَر، صرف لنا كل 6 شهور 4000 جنيه، وجاب لنا من مؤسسة رسالة ثلاجة غسالة بوتاجاز و3 سراير، يعني عمل ما في جهده، كتر خيره مش مقصر معانا.. لكن الدولة مقصره معانا.
عرفنا إنهم إدوا ناس شقق في الإسماعيلية وإحنا لأ.. وإدوا ناس شقق لناس في الإسكندرية وبورسعيد.. جابوا لهم الشقة وفروشها وسكنوهم في الشقق.. والشقق دي لما يتعدل الحال هترجع للدولة.
بصراحة أنا اخترت القاهرة لإني مكنتش طايق الإسماعيلية.. وأنا هنا قريب للأهل رغم إن محدش بيدي لحد أي حاجة ومحدش بيسأل عن حد..
قعدت فترة في الإسماعيلية 22 يوم، وفي الآخر لقيت إللي هناك بهدلة، مرتحتش مع الناس هناك.. وقلت أروح القاهرة وأقعد على حسابي ومتبهدلش في آخر أيامي..
لو استمر الحال على ما هو عليه كده، هيكون يبقى الفترة الجاية أسوا من إللي إحنا فيها. الحكومة لازم تتخذ خطوات مش خطوة.. إحنا المهجرين تبص لنا بصة غير إللي بيبصوها لنا.. إحنا كده مهمشين أو مهملين.. ثانيًا يعوضونا عن أملاكنا إللي هناك. إشمعنى بتوع رفح عوضوهم عن أملاكهم وأشجارهم وكل حاجة عندهم.
مش عايزين يعوضوني ليه، ده حرام وظلم.. ليه معوضونيش طيب ما يبادلني يشوف مساحة الأرض هناك ويديني بدالها هنا.. هو أنا مش مواطن في الدولة هل أنا مليش حق في الدولة.. هل أنا مخدمتش الخدمة العسكرية.. هل أنا لما كنت موظف مكنش بيخصموا مني الضرائب.. ليه هل مصر دي مش بلدي مش وطني هو أنا جيت من بره.. أنا مجيتش من بره، أنا مصري زي أي واحد زي عبد المسيح زي محمد وأحمد.
النيابة لو طلعت تتقتل.. إللي يخلي أمناء شرطة وظباط تتقتل.. يعني حتى لو النيابة قصرت يبقى غصب عنها ولو راحت بيكون بشكل سري بتعمل التحقيقات.. وباشروا التحقيقات من المكاتب.
ساعة لما جينا جديد وزارة التضامن جم قالوا لنا ليكم منحة هتصرفوا، الكلام ده في مارس 2017، رُحنا إدونا 300 جنيه.. تمخض الجبل وولد فأر 300 جنيه.. قلت للموظف هجيب بيهم إيه.. قال لي يا عم إلحق إصرفهم يعني أنا بطلع في الروح يادوب ألحق أصرفهم.. وهو ده إللي عندي هو ده إللي عند الدولة.
وفيه ناس مش محتاجة الدولة بتصرف لهم تكافل وتعويض ومعاشات كبيرة وهما ميستحقوش.
سنة 67 لما أهل العريش إتهجروا ونزلوا مصر إتعوضوا وإدوهم بيوت وصرفوا عليهم وعلموا عيالهم.. إحنا هنا محدش بيسأل عنا ليه.
وفي الأخر خالص بطايق التموين تقف حتى رغيف العيش مش لاقيينه ونروح نشتري رغيف العيش بخمسين قرش ده المعاش بس ميكفيش عيش.. إيه يعني بيدفعونا للسرقة مش هنعرف نسرق.. وعيب راجل في مستوايا يسرق أو يمد إيده.. إدي حالنا وكل ما نروح من سيئ للأسوأ.. ولو الوضع استمر على كده هنموت من الجوع.. لإن المخزون إللي كنت شايله من فلوس لطوارئ أو ظروف بصرفهم.
طيب ما أنا بيتخصم من معاشي 230 جنيه تأمين صحي مفيش.. وأروح المستشفى أكني بشحت وبتمرمط.. والواحد نفسه عزيزة عليه وأقول خلاص مش رايح.. وبفكر أطالب التأمينات متخصمش مني قيمة التأمينات ﻷني مش مستفيد بيه وده حقي.
محافظ الجيزة أنهى كل ورق الولاد بتاع المدارس وكلم شمال سيناء يجيب لنا ورق العيال واتبعت لنا فاكسات لكن التكافل الاجتماعي مدفعش لنا أي حاجة في تعليم العيال والمدارس نفسها بتخلينا ندفع كل المصاريف زينا زي أي طالب.
رُحنا الكنيسة نطلب مقابلة مطران الجيزة قالوا لنا في الاستعلامات هو مش هيقابل حد خالص.. وقالوا لنا مش هتاخدوا حاجة.. والكنيسة لم توفر شيء.. ده كلام في الهوا.. وكارت العلاج الصحي إللي استلمناه من الكاتدرائية بيخليني أتعامل في المستشفيات أقذر معاملة.. وهو ورقة ملهاش لزمة.
ريمون منير مالك ـ محافظة الجيزة:
أنا مقيم في شمال سيناء من سنة 90 وزوجتي معايا من 2006، وإحنا سبنا العريش كذا مرة، لكن الوضع المرة دي مختلف، في الأول كان مستهدف الناس في الشارع، لكن دلوقتي الاستهداف داخل بيتنا، زي إللي قتلوهم في بيوتهم ومحلاتهم في الفترة دي، إحنا سيبنا العريش وجينا قعدنا في القاهرة والوضع استقر.
في سنة 2015 حصل استهداف تاني لعمو وليم ميشيل إللي كان بيسن سكاكين في سوق السمك عندنا.. ورُحنا القنطرة وقعدنا فترة.. لكن المرة دي أصعب لإنه تدخل بيتي وتموتني وتحرق لي بيتي هستنى ليه بقى.
فيه ناس اتخطفت جوه العريش ودفعنا لهم فدية.. وأنا واحد من الناس شقتي إتكسرت مرتين.. وعربيتي إتخطفت.. كنت سايق لقيت التكفيريين جايين ورايا في عربيات بدون نمر في فترة 14 مارس 2013 كسر عليَّ الطريق ونزل علي بالسلاح نزل ورايا في عز النهار.
وفي يوم نزلت أشغل العربية لقيت ورقة مكتوب عليها إرحل يا كافر ومكتوب فيها رقم تليفوني.
الناس إللي هناك في العريش المحترمين منهم كتير وفيه ناس بتتصل تسأل علينا.. بس فيه ناس معارفنا هنا عرفوا إن ناس بطلجية دخلوا شقتهم وقالوا لهم هناخدها وضع يد.. كلموا رئيس المباحث في العريش وكان محترم واتصل برئيس مباحث قسم تالت وأخدوا الراجل إللي كسر الشقة واتصرفوا معاه بالقانون.. وإللي عمل كده واحد من الجيران.. دي حاجة من ضمن حاجات.
أنا كنت ساكن في منطقة حيوية قدام مبنى إذاعة سيناء وحاولوا يسرقوا شقتي مرتين.. وفي مرة طلعوا الإرهابيين فوق العمارة إللي ساكن فيها وكسروا الشقة إللي فوق، وكانوا بيضربوا نار من فوق على مبنى الإذاعة.. وأنا ساكن في الدور الخامس وبسمع صوت تحركهم وهما أكتر من 40 واحد ولو نزلوا كانوا خلصوا علينا.
بالنسبة لي متفرقش لكن عيالي حرام.. إحنا شفنا إللي كانوا بينصبوا لهم محاكم.. التكفيريين بيعملوا محاكمة في قلب الشارع الرئيسي لمدة نص ساعة من غير ما حد يقول دول بيحصل لهم حاجة وبيتم تنفيذ الحكم في الشارع. مرة نكون ماشيين ونلاقي المنطقة مقفولة عشان التكفيريين عاملين محاكمة.
جيراني المسلمين مراعيين حاجاتي وبيتي، ومرة ناس تكفيريين راحوا يسألوا علينا قالوا لهم منعرفش هما فين, إحنا عددنا هناك قليل.
كل المسيحيين في العريش لا يزيدوا عن 600 أسرة إتوزعنا في كل مكان في الجمهورية، وطبعًا معروف كل واحد بيعمل إيه ورايح فين. أنا مش عايز أرجع العريش حاليًّا ومش هرجع غير لما الجيش المصري والرئيس عبد الفتاح السيسي يقول لنا سيناء خالية من الإرهاب.. لكن أي حد يقول مفيش إرهاب مش هصدقه لإن الأنبا قزمان لما قال مفيش إرهاب الناس رجعت وماتت زي عم نبيل وباسم حرز الله رجع واضرب بالنار.
مراتي من الإسماعيلية وقلت لها نقعد في الإسماعيلية بس أنا معرفش أي حاجة هناك، لكن أعرف في القاهرة.. وفعلًا جينا الجيزة.. وقالوا لنا كل من أقباط سيناء يسجل نفسه في تضامن المحافظة بتاعته، وأنا سجلت في الجيزة لقيت علاقات عامة الجيزة بتكلمني في التليفون بعدها بيومين، وقال لي إحنا محافظة الجيزة والمحافظ عايز ييجي يزورك مصدقتش وقفلت السكة وبعد يومين، كلمني تاني وبرضو مصدقتش.. بعدها بأسبوع اتصل رقم برايفت وقال لي هنا مكتب الحاكم العسكري لمحافظة الجيزة اللواء محمد كمال الدالي عايز يقابلك فقلت له المكان إللي هو عايزه يجي في أي وقت.. وكلمني بعدها بيومين مكتب المحافظة وقالوا لي المحافظ عايز يقابلك وقتها صدقت واجتمعنا في المحافظة وكل واحد حكى مشاكله وقال عايز إيه.
أنا واحد من الناس تعبان في القاهرة لكن إتقابلت مع ناس زي محافظ الجيزة كويس وحسيت بالأمان.
ممتلكاتي في العريش مش هعرف أبيعها.. ولما يقولوا أرض بتاع مسيحي مش هتجيب فلوس.. لأنك عايز تمشي وخايف من الموت فهتبيعها بتراب الأرض.. أهل العريش نَفسهم من المسلمين نِفسهم يسيبوا العريش. قلت للمحافظ أنا عايز عفشي من العريش فقال لي ده صعب وده ﻷننا فقدنا الأمن في العريش.. وقلت للمحافظ عايز أغير ورق إقامتي وبطاقتي وفعلًا محافظ الجيزة وافق وغير لنا الورق كله فعلًا.. ومن أول يوم وصلنا الجيزة الأولاد دخلوا المدارس بدون ما يطلبوا ورق وكل ده بسبب محافظ الجيزة.. ووزير التربية والتعليم قال الأطفال تدخل أقرب مدارس ليهم وبدون ورق.
يوجد في الجيزة 25 أسرة من المسيحيين مهجرين.. ومحافظ الجيزة كان مطلع لنا ورقة تخلينا نصرف التموين كله بس هِيه توقفت شوية.. والمسموح نصرفه هو العيش فقط.. لكن بطاقة التموين نفسها تم وقفها.. كمان غيروا لنا رخص العربيات وجددوا لنا الرخص وفي الإسماعيلية ده محصلش عشان عدد الأسر هناك أكتر.
الدولة وقفت مع أهل رفح وإدوا الناس هناك ملايين تعويضات.. وأنا بتعامل كمؤجر رغم إن شقتي في العريش كانت تمليك.
أنا بطالب الدولة تعوضني عن ممتلكاتي إللي سيبتها في العريش ومش عارف هعرف أرجع لها تاني ولا ﻷ ولا عيالي همه إللي هيرجعوا يجيبوها ولا هيلاقوا حد أخدها.
ميرفت فكري - محافظة الجيزة:
إحنا إتعرضنا لمحاولات اغتيال في عز النهار وفي مناطق حيوية مش مناطق متطرفة. كنا بنطلب النيابة ترفع بصمات ماكنِتش بتيجي. على طول بنسمع ضرب نار، وكل الشبابيك متخرمه من النار. عيالي في مدرسة 25 يناير التجريبية في مرة ودتهم المدرسة ومجرد ما لفيت كان فيه انفجار على بوابة المدرسة، العيال شافوا الجثث وضرب النار وناس مذبوحين.
يوم 9 يناير 2017 ده كان تاني يوم عيد الميلاد.. صحينا الساعة 6 على صوت انفجار بشع كان كمين المطافي وفيه ناس ماتت في بيوتها.. وأول الشارع كان فيه كمين.. لكن مفيش كمين يقدر ينقذ كمين تاني.. والإرهابيين رفعوا علم على المكان بعد الحادثة.
الناس مربوطة من رقبتها بالقروض في العريش.. حتى المسلمين إللي قاعدين هناك مضطرين لإن عليهم ديون من القروض.. أنا كلمت جارتي مسلمة معاها 6 أولاد ونفسها تخرج لكن مش عارفة طبعًا.. وطبعًا فيه بَدل مناطق نائية يعني مرتبات أكبر شوية من المرتبات العادية عشان كده ممكن يقعدوا هناك.
مرة كنت بزور عمي فلقيت واحد جارنا إتصل علينا وقال لنا هو إنتو سايبين باب الشقة مفتوح، فقلت له ﻷ ونزلنا لقينا ناس بيحاولوا يسرقوا الشقة..
أنا قررت إننا نيجي الجيزة ونستقر هنا ومش هنرجع العريش تاني أبدًا، لأننا مش هنفضل مرعوبة من إننا ننتقل.
منى ـ محافظة القاهرة:
إحنا 3 أسر قرايب وقاعدين في بيتين في العريش، أمي و إخواتي في بيت، وأنا وجوزي وعيالي في بيت تاني، ولما حصل قتل الناس في بيوتها سيبنا كل حاجة وهربنا، يعني إحنا سايبين عفش عروسة في تجارة، وهي برضه متهجرة، بس قاعدة عند أختها في بورسعيد مع المهجرين إللي هناك، كل حاجة جديدة زي ما هيه، يعني حاجات النيش والأدوات الكهربائية والعفش كله جديد، بالنسبة لحاجتنا إحنا أكيد كلها حاجات مستعملة.
خطيب العروسة عاوز يكلل (يتم إجراءات الزواج) وإحنا مش عارفين نجيب العفش، ومش هنقدر نجيب حاجات جديدة تاني، وأخويا عريس بقاله سنة وعفشه وشقته زي ما هيه، ودلوقتي مقفولة هناك، أنا لي بيتي وفرشي كله هناك، إحنا خرجنا من بيوتنا بهدومنا بس، حتى مكنش معانا لبس شتوي.
قبل ما نهرب من العريش بأيام كنت تعبانه ووالده جديد قيصري يوم29 يناير وخرجت من العريش يوم 24 فبراير، خرجت بهدومي بس، لا عارفة أروح هنا ولا أروح هنا، ولا ألم أي حاجة، ومكنش في بيتي فلوس عشان أطلع من العريش، جيراني ساعدوني وإدوني فلوس عشان أخرج لأن كل فلوس جوزي كانت رايحه على علاجي، كان عندي طيور مربياها في بيتي بط ووز وجارتي المسلمة أخدت الطيور دي وباعتها في السوق وجابت لي حقهم عشان أعرف أطلع بعربية وأخرج هيه إللي ساعدتني في كل ده، ومكناش عارفين إحنا طالعين ورايحين فين.
أبونا (الكاهن) قال لنا إطلعوا على مصر لإنَّا سمعنا إن بتوع الإسماعيلية نايمين على الأرض فمكنش ينفع أطلع بعيالي التلاتة والرابع على إيديا ومرات أخويا إللي كانت حامل ونطلع على الإسماعيلية وننام في الشارع.. مرات أخويا كانت حامل وقتها ولدت هنا فمكنش ينفع تنام على الأرض.
استقبلنا ناس من كنيسة سمعان الخراز، ودُّونا مبنى السامري، واستقبلتنا مدام سامية وأستاذ جوزيف وأستاذ سميح، وقعدوا متابعنا ومدام سامية هيه إللي بحثت عن مكان شقة يكون سعرها كويس، وقعدنا من شهر فبراير لشهر يوليو في بيت الكنيسة بتاع السامري، وطلبنا من المسئولة عن حالتنا إنها تشوف لنا مكان سكن نتجمع فيه، وهيه إللي دورت لنا، ولقت لنا المكان ده، لإن إخواتي تعبوا وإضايقوا من القعدة دي، وكانوا عايزين يلاقوا شغل ونقعد في بيوت.
التضامن مطلعش لنا أي حاجة غير من شهر 10 (أكتوبر)، وهمه 300 جنيه وإحنا بندفع إيجار 600 جنيه طيب إزاي بالمبلغ ده هوكل عيالي وأدفع الإيجار والمدارس والمجاميع بتاعت الدروس، والمجاميع هنا غالية أوي غير عندنا.
أول ما نزلت المدرسة حطوا الإجابة قدامي هتدخلي عيالك مجاميع هيكون مستقبلهم كويس، مفيش مجاميع ولادك ممتازين هيجيبوا صفر فدخلتهم مجاميع ومبقتش عارفة نعمل إيه، وجوزي راجل أرزقي بيشتغل سباك. عملنا كذا بحث اجتماعي، عملنا اتنين في الشئون وواحد عند مدام منار في مكتب في التحرير، ولما رُحت لها عشان آخد الـ300 جنيه وقلت لها إحنا مش عارفين نتعايش مع الأكل والشرب ومصاريف ولادنا طيب ساعدونا وشوفوا لنا معاش السيسي، فقالت لي إنتو عملتو بحث قلت لها آه عملنا مرتين، فهيه عملت لي استغاثة وبعتت لي استغاثة باسمي للرئاسة لكن مفيش حل ومفيش حد بيسأل.
واجهتنى مشاكل كتير بس كانت أكبر مشكلة أن بنتي في سنة خامسة وكانوا عايزين يرجعوها لسنة رابعة لأنها دخلت أصغر 4 شهور و9 أيام وقالوا لي ترجع رابعة تاني رُحت الوزارة ورُحت الإدارة عشان أدخلها لسنة خامسة والحمد الله ربنا وقف جنبي.
مغيرتش بطاقتي لمكان السكن هنا، مينفعش أغيرها من مكان سكني إللي فيه ملكي بيتي وأرضي وحاجتي هناك، وآجي هنا، ممكن بكره صاحب الشقة يقول لي إطلعي هروح فين، يبقى لا ليه حاجة في العريش ولا حاجة في مصر.
محدش سأل عنا خالص أنا جيت هنا والشتا دخل علينا ومكنش معايا لبس لولادي، ولما طلبت من الناس، قالوا لي مفيش، قالوا لي روحي شوفي إنتو إتلَم عليكم مساعدات في الإسماعيلية، روحوا خدوا من هناك، فرُحت في يوم عيد الضحية العريش وخدت أخويا الصغير وولادي الأربعة وقلت يا رجعت بيهم يا مرجعتش، وجبت هدوم وحُصر وفرش وكملت فرش شقتي.
رُحت العريش ومكنش فيه عربية راضية تجيبني، برضه جارتي المسلمة إتصلت بسواق وقالت له، أختي عندي عايزة تودي شوية عفش ليها وكراكيب مصر، جه وحمل الحاجة شوية بطاطين ولبس الشتا بتاع عيالي، فالسواق طول السكة يقولي والله لو كنت أعرف إنك مسيحية كان هيكون فيه كلام تاني، (تقصد يطلب مبالغ مالية أكثر).
أنا لما خرجت رُحت العريش مكنتش كاشفة شعري أوي، كنت رابطه إيشارب صغير على شعري، وعباية عادي، وواخده ولادي عادي، وعديت على التفتيش، فقالوا لي إنتي جايه ليه، قلت لهم جايه أجيب ورق المدارس بتاع عيالي وعفشي لكن مفيش أي أمن جه معايا. نزلت من الميكروباص عشان أنا كنت خايفة من الارتباك، نزلت المساعيد عشان أوقف تاكسي، والتاكسي إللي بياخد عشرة جنيه، كان بيطلب خمسين جنيه عشان يوصلني بيتي، كنت مرعوبة، بس مش عليَّا، على أخويا، لإنه راسم القديسين على دراعه، وكان لابس فانلة وذراعه باين، فاضطررت ألبسه حاجة بكم.
كنت مرعوبة طبعًا، بس إللي كان مطمني إن ابن عمي الشهيد باسم حرز كان موجود هناك من قبلنا، عشان ملقاش شغل وشعر بالعجز فرجع العريش.
قابلته هناك، وكلمته وقلت له يا إبني إرجع، قال لي أديكي شايفة إحنا غلابة ومحدش هيقف جنبنا، وأديكي شايفة أدينا عايشين وكويسين وبقالنا شهرين أهه، فقلت له يا إبني دول ممكن يغدروا بينا في أي وقت، قال لي ﻷ متخافيش إللي معاه ربنا ميخفش
نفسي طبعًا أرجع بيتي وملكي وأنام مطمنة، منمش وأنا خايفة الإيجار هقدر أدفعه ولا ﻷ، منمش وأنا خايفة إني مش هقدر أدفع أشحن الكهربا، حاجة مفزعة هنا.
يعني كل أفكاري، وأنا هنا وإحنا قاعدين بليل معانا كام، وهنشحن الكهربا بكام، الأولاد اشتغلوا النهاردة الأولاد مشتغلوش، ﻷن هنا الشغل صعب، دلوقتي ضهرهم كله متعور، من كتر البلاستيك والحاجات إللي هنا، وإللي بيديهم الشغل هنا بيفتري، عليهم لما بيعرف أن دول غُرب ومحتاجين الشغل، طبعًا فيشتغل الطاق طاقين، ودي حاجة صعبة، وهمه بيصعبوا علينا، لكن دي حاجة مش في إيدينا، ﻷن لو مشتغلوش مش هناكل، مش هنصرف.
ومحدش بيسأل، في الأول وإحنا في السامري، بتوع الهلال الأحمر جابوا لنا كرتونتين مفيش غيرهم.
ولا حد بعد كده قال لنا إنتو مين أصلًا، ولا إنتو موجودين في الدولة، يعني محدش يعرف عننا حاجة.
دخلوا شقة بنت عمي شحات في منطقة الصفا وأخدوا كل حاجة والعفش، يعني إحنا متابعين مع إخواتنا وجيرانا المسلمين هناك دول حبايبنا، بيتصلوا يطمنوننا.
في واحدة جارتنا تعرضت لبلطجية، لمَّا واحد راح قال لها المفتاح بتاع النصارى عندكم، وهمه إللي قالوا لنا ندخل نقعد في البيت نحرسه، فقالوا لهم روحوا للنصارى إللي معاهم المفتاح خدوه منهم، أنا مش معايا المفاتيح.
رغم إننا مدينهم المفاتيح، بس هي اضطرت تنكر خوف على أولادها، وأنا قلت لها متفتحيش البيت بالنهار أبدًا، وفيه جيران لي بيتصلوا عليَّ عشان بيقولوا لي سجادتهم واقعة عندي في البلكونة وبيسألوني على المفاتيح إللي عند جارتي، فقلت لهم إننا أخدناه منها، وأنا اضطررت أكدب عشان أحميها هي برضه.
أنا سألت سواق لو عايزة أجيب البوتوجاز والغسالة والتلاجة وأوضة النوم بتاعتي من العريش تتكلف كام، فقال لي 3000 جنيه، من أين أجيب أنا المبلغ ده.
أمي الست الكبيرة دي مستقبلها إيه، معاها 4 رجالة، واحد متجوز وواحد خاطب الفلوس إللي معاه جابت دبلتين وراح لبس خطيبته الدبلة في الإسماعيلية متهجرة زينا، الحل إية، وماما من يوم ما جينا مفيش معاش، روحي هاتي ورقة من سينا عشان نمضي لك عليها ونحول لك المعاش، ورُحنا في كل مكان وبعتنا استغاثة.
450 جنيه كانوا بيساعدوها دلوقتي مفيش، كل إللي طالع علينا إن حياتنا كويسة، والكنايس بتساعدهم، إحنا يوم العيد مكنش معانا فلوس نجيب لبس، ومفيش كنيسة بعتت لنا كسوة، لولا مدام بتاعت السامري، جت وجابت لنا لكل واحد عباية وغيار.
الكنايس محدش بيسأل وكل واحد بيرمينا على التاني، وبيجيلي اتصالات تقول لنا الكاتدرائية بتديكم، فبقول لهم تعالوا خدوا اللي إحنا خدناه!
لو إنت غني حبيبهم، حبيب الكنيسة والخدام، لكن لو إنت فقير يبقى ملكش لزمة، وأمي راحت للخادم في الكنيسة فقال لها إنتي عندك كام عيل في البيت قالت له 4 عيال، فقال لها إنتي يدخل لك 400 جنيه في اليوم ده إنتي إللي تدي الكنيسة مش العكس.
رُحت الكنيسة عشان أجيب لبن أطفال فعملوا لي بحث، وسألوني عندي فرش أد إيه، فقلت لهم هو الفرش أنا جيباه من بيتنا، ده ناس جبتهولنا، طيب أنا عايزة حاجة أساعد بيها العيال.
ماما راحت تجيب ورق أختي عشان تنقلها، فالموظف قال لها إنتي زعلانة ليه، طيب ما إنتو بتتقتلوا والشرطة كمان بتتقتل، إحنا محدش قال لنا نمشي لا الأمن ولا أي حد، الناس لما بدأت تتقتل في بيوتها مشينا.