أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريرها المعنون "المصيدة: عقاب الاختلاف الجنسي في مصر" والذي يوثِّق ويحلل وقائع الاستهداف العمدي والمتزايد من جانب الشرطة في السنوات الأربع الماضية لكل من يُشتبه في اختلاف ميولهم الجنسية عن المعايير العلنية الغالبة وبخاصة إذا كانوا مثليين أو رجالًا يمارسون الجنس مع رجال، أو من يُشتبه في أنهم كذلك، أو من العابرات والمتغيرات الجنس (الترانس)
برامج: الحريات المدنية
ينقسم التقرير إلى جزء تحليلي وملحق، نستعرض في الجزء التحليلي القرارات التنفيذية التي أصدرتها جهة الإدارة ونشرتها الجريدة الرسمية الخاصة، كما نستعرض تصريحات المسئولين الحكوميين في هذا الصدد، وكذلك تعليق المبادرة المصرية على قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة توفيق أوضاع الكنائس القائمة بالفعل، والتي تُجرَى فيها الصلوات. كما يتضمن هذا الجزء تحليلًا للعنف والتوترات الطائفية المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين، والتي وقعت خلال الفترة منذ صدور القانون في 28 من سبتمبر 2016 وحتى نهاية أكتوبر 2017
يؤكد الموقعون أن طرق القبض على هؤلاء الأشخاص سواء من خلال التتبع الإلكتروني لمواقع التعارف والمواعدة أو من خلال ملاحقة الأفراد في الأماكن الصديقة للمثليين وأصحاب الميول والهويات الجنسية غير المهيمنة اجتماعيًّا، جميعها تمثل إخلالًا جسيمًا بحقوق المواطنين المصريين في الخصوصية وفي حقهم في حرية التعبير وحقهم في اتخاذ قرارات تخص أجسادهم بحرية، فميول الأفراد الجنسية وهوياتهم وممارساتهم الخاصة هي شأنهم الخاص الذي لا دخل للدولة فيه.
تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحملة الأمنية المستمرة منذ 22 سبتمبر الماضي حتى الآن ضد عدد من المواطنين مثليي الجنس، أو من يظن بهم المثلية، على خلفية واقعة التلويح بعلم "قوس قزح"، والمعروف كإشارة للتنوع وقبول مختلف الميول الجنسية وهويات النوع الاجتماعي، وذلك خلال حفل غنائي بأحد المراكز التجارية بالقاهرة، وهي الحملة التي أسفرت عن إلقاء القبض على 57 شخصًا على الأقل منذ الأيام القليلة السابقة على الحفل وحتى الآن في القاهرة وعدد من المحافظات الأخرى.
بعد تدهور أوضاع حقوق الانسان بشكل عام في مصر في الآونة الأخيرة وتصاعد الهجمات الشرسة لتفتيت المجتمع المدني وتجفيف موارده وازدياد الضغوط الأمنية الهادفة إلى إغلاق المجال العام أمام كافة الأصوات التي تطالب باحترام حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، تخطت الدولة المصرية والاعلام المصري كل التوقعات في نشر الخوف والتحريض والتمييز والترويج لخطاب الكراهية.
وتشير المنظمتان إلى أنه على الرغم من اعتماد الجمعية العامة للبروتوكول منذ 2003، فلم تقم مصر حتى الآن بالتوقيع أو التصديق عليه، ومن الجدير بالذكر أنه من بين جميع الدول الأعضاء بالاتحاد الإفريقي فإن مصر وبوتسوانا وتونس هم الدول الوحيدة التي لم توقع أو تصادق على البروتوكول حتى الآن.
انتقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعامل الأجهزة الرسمية مع ملف طلبة الجامعات والمدارس الأقباط، الذين هُجِّرت أسرهم قسريًّا من مدينة العريش، خلال فبراير الماضي، وذلك عَقِب استهداف مسلحين عددًا من الأقباط بالقتل وحرق المنازل والممتلكات الخاصة. وقالت المبادرة المصرية إن مسئولين حكوميين طالبوا أولياء أمور تلاميذ بمراحل التعليم ما قبل الجامعي بالذهاب إلى العريش، وتقديم طلبات للنقل، مع الحصول على الملفات الخاصة بأبنائهم، وتقديمها في المناطق التي يعيشون بها حاليًّا.
هذه الرؤية تميل، كما سيتم تفصيله في هذا التعليق، إلى الانحياز إلى تقييد حرية المعتقد وحرية التعبير لصالح أفكار وتوجهات المؤسسة الدينية الرسمية بالشكل الذي يحافظ على نفوذها وهيمنتها المدعومة من قبل الدولة، كما أن هذه الرؤية تتيح لنا أن نستكشف أحد جوانب أزمة إدارة المجال الديني في مصر وهو "التسامح مع النوازع الطائفية" والتخاذل عن مواجهتها، من جانب، والاتجاه لتقييد الاختلاف والتنوع والحرية الدينية بدعوى عدم إثارة هذه النوازع الطائفية نفسها، من جانب آخر، وهو ما سيأتي تفصيله أيضا.
يتضمن التعليق بيانًا لسياق طرح مشروع القانون والبواعث المتضاربة وراء صياغاته التي تحمل في طياتها تمييزًا دينيًّا لصالح الفئات المهمشة وتجريمًا لأفعالٍ تم تجريمها في قوانين أخرى، منها المادة 98و المعروفة باسم "قانون ازدراء الأديان"، وتعريفًا قاصرًا لمفهوم خطاب الكراهية والتحريض، وتجريمًا فضفاضًا لما يسميه مقترح القانون: "النشر المؤدي إلى الكراهية" أو "النقاش العقائدي العلني"، كما يوضح التعليق أن هذه الصياغات قد تؤدي إلى مزيدٍ من الحماية والتبرير للممارسات الطائفية والقائمين بها، وفي المقابل قد تهدد بعقاب أي تعبير عن أفكار دينية مختلفة عن السائد، وتلقي عليها بمسئولية إثارة "الفتنة المجتمعية" وهو لفظ غير منضبط يسوِّي بين المعتدين والمعتدَى عليهم، ويظهر في مقترح القانون.