انتهت مظاهرات أقباط المهجر أمام مبنى الأمم المتحدة للترحيب بالرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء إلقاء كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. انتهت المظاهرات لكن أصداءها لم تنته بعد، في ظل الجدل الذي ترتب على دور الكنيسة ورجال الدين المسيحي في الحشد والتعبئة لدعم رئيس الجمهورية، خصوصًا أن هذه الممارسات تورِّط الكنيسة في لعب أدوار سياسية، وهى محل نقد قطاع واسع من عموم المصريين.
نجحت المسيرة السلمية لأقباط المهجر المقرر تنظيمها غدًا الثلاثاء في تحقيق بعض أهدافها قبل أن تبدأ؛ بغض النظر عن الأعداد التي ستشارك فيها، أو حجم المنظمات الداعمة لها، فقد ألقت حجرًا في المياه الراكدة، وكشفت عن الشروخ الموجودة في علاقة النظام الحاكم بالأقباط، فقد أتاح الجدل حول المظاهرات لمساحة للغضب المتزايد أن تصل إلى المسؤولين.
عكست ضغوط النظام الحاكم والكنيسة لمنع إتمام المظاهرة، وحملة الهجوم الشرسة ضد القائمين عليها من أطراف عدة، مستوى القلق من الرسالة التي ستقدمها هذه المسيرة للخارج والداخل.
اكتسبت محافظة المنيا سمعة محلية ودولية سيئة باعتبارها بؤرة لاعتداءات ممنهجة على المسيحيين، وأنها أكثر المحافظات المصرية من حيث الممارسات الطائفية، والتى تعكس فشلت الحكومة فى تعاملها مع ملف علاقات المسيحيين بالمسلمين. فالاعتداءات الأخيرة التى شهدتها المحافظة من نهب وحرق منازل وإيذاء بدنى وقتل على خلفية شائعات تحويل منزل لكنيسة أو لمشاجرات عادية سرعان ما تتحول إلى اشتباكات طائفية لم تكن الفصل الأول فى موجة التوترات فى عروس الصعيد كما يحلو لأبناء المحافظة تسميتها.
فجرت زيارة الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لمدينة القدس لترأس صلاة الجناز على جثمان الأنبا أبراهام، أسقف القدس والكرسي الأورشليمي، جدلاً كبيراً بين مؤيد ورافض للزيارة، بينما التزمت مؤسسات الدولة وكبار المسئولين الصمت بدون التعليق إيجاباً أو سلباً.
زرت محافظة المنيا خلال الأيام الماضية مرتين سنحت خلالهما فرصة لقاء عددا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ومن بينهم محامي بعض المتهمين في القضية المعروفة اعلاميا باعتداءات مطاي التي اصدرت محكمة جنايات شمال المنيا حكمها فيها اليوم الاثنين بإعدام ٣٧ من المتهمين بعدما كانت قد أحالت أوراق 528 منهم لفضيلة مفتي الجمهورية. كذلك قابلت شقيقة أحد المتهمين المحبوسين والذي تضمنه قرار الإحالة إلى المفتي. ومن حسن الحظ قابلت أيضا بعض ضحايا الأقباط الذين تعرضوا للخطف والإجبار على دفع الإتاوات.
تستدعى الاستغاثات اليومية القادمة من أعداد متزايدة من المواطنين الأقباط في الصعيد بخصوص عمليات الخطف والاعتداء البدني، الذى يفضى للقتل في الكثير من الأحيان، والاستيلاء على الممتلكات والإجبار على دفع إتاوات إلى الذاكرة مشاهد مؤلمة من ذاكرة مصر الحديثة، عندما لجأ قسم من الجماعات الإسلامية المسلحة لاستهداف ممتلكات الأقباط في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي لشراء السلاح ثم استخدامه فيما بعد في استهداف حياة الأقباط أنفسهم. وهي ممارسات قد اعتقدنا أنها انتهت بلا رجعة، وأصبحت جزءاً من فصول التاريخ.
عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة صباح الأربعاء 14 أغسطس، اندلعت موجة من الاعتداءات التي استهدفت الأقباط وكنائسهم. الموجة المسعورة التي لم تشهد مصر الحديثة مثيلا لها، وقد أسفرت عن حرق ونهب 44 كنيسة إضافة إلى عشرات المباني التابعة لمؤسسات مسيحية وأقباط، وسقط فيها سبعة من المواطنين قتلى علاوة على العشرات من المصابين.
بينما قررت قبل منتصف ليلة الجمعة الماضية، أن أغلق حاسبي الشخصي، وأتفرغ لمشاهدة أحد الأفلام الكوميدية، أذ بجرس الهاتف يرن، مكالمة من صديقي فادي أميل الصحفي، كان صوته متوترا ويحمل بين نبراته مشاعر الخوف والتشاؤم، قال: أنت تعرف إنني من مدينة الواسطى، ولعلك تعرف تفاصيل سفر الفتاة المسلمة رنا حاتم كمال الشاذلي واتهام أسرتها للكنيسة بتنصيرها ومساعدتها على السفر للخارج، وانتهاء مهلة الشهر التي منحتها الأسرة للكنيسة والمسيحيين لعودة الفتاة.